( 
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون   ) 
ثم قال تعالى : ( 
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون   ) 
قوله : ( 
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون   ) هذا يصلح جوابا لسؤال : وهو أنه لما قال تعالى : ( 
وجعلنا منهم أئمة يهدون   ) كان لقائل أن يقول : كيف كانوا يهدون وهم اختلفوا وصاروا فرقا وسبيل الحق واحد ؟ فقال : فيهم هداة ، والله بين المبتدع من المتبع كما يبين المؤمن من الكافر يوم القيامة . وفيه وجه آخر : وهو أن 
الله تعالى بين أنه يفصل بين المختلفين من أمة واحدة كما يفصل بين المختلفين من الأمم فينبغي أن لا يأمن من آمن وإن لم يجتهد ، فإن 
المبتدع معذب كالكافر ، غاية ما في الباب ، أن عذاب الكافر أشد وآلم وأمد وأدوم . 
ثم قال تعالى : ( 
أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون   ) قد ذكرنا أن قوله تعالى : ( 
ولقد آتينا موسى الكتاب   ) تقرير لرسالة 
محمد  صلى الله عليه وسلم وإعادة لبيان ما سبق في قوله : ( 
لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك   ) [ السجدة : 3 ] ولما أعاد ذكر الرسالة أعاد ذكر التوحيد ، فقال تعالى : ( 
أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم   ) وقوله : ( 
يمشون في مساكنهم   ) زيادة إبانة ، أي مساكن المهلكين دالة على حالهم ، وأنتم تمشون فيها وتبصرونها ، وقوله تعالى : ( 
إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون   ) اعتبر فيه السمع ، لأنهم ما كان لهم قوة الإدراك بأنفسهم والاستنباط بعقولهم ، فقال : ( 
أفلا يسمعون   ) يعني ليس لهم درجة المتعلم الذي يسمع الشيء ويفهمه .