صفحة جزء
( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )

ثم قال تعالى : ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )

[ ص: 64 ] قال الزمخشري : لا بد من تقدير لفظ يتم به معنى الكلام ؛ لأن القمر لم يجعل نفسه منازل ، فالمعنى : أنا قدرنا سيره منازل ، وعلى ما ذكره يحتمل أن يقال : المراد منه : والقمر قدرناه ذا منازل ؛ لأن ذا الشيء قريب من الشيء ؛ ولهذا جاز قول القائل : عيشة راضية ؛ لأن ذا الشيء كالقائم به الشيء ، فأتوا بلفظ الوصف .

وقوله : ( حتى عاد كالعرجون القديم ) أي رجع في الدقة إلى حالته التي كان عليها من قبل ، والعرجون من الانعراج يقال لعود العذق : عرجون ، والقديم : المتقادم الزمان ، قيل : إن ما غبر عليه سنة فهو قديم ، والصحيح أن هذه بعينها لا تشترط في جواز إطلاق القديم عليه ، وإنما تعتبر العادة ، حتى لا يقال لمدينة بنيت من سنة وسنتين : إنها بناء قديم أو هي قديمة ، ويقال لبعض الأشياء : إنه قديم ، وإن لم يكن له سنة ، ولهذا جاز أن يقال : بيت قديم وبناء قديم ، ولم يجز أن يقال في العالم : إنه قديم ، لأن القدم في البيت والبناء يثبت بحكم تقادم العهد ومرور السنين عليه ، وإطلاق القديم على العالم لا يعتاد إلا عند من يعتقد أنه لا أول له ولا سابق عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية