صفحة جزء
المسألة السابعة :

الحرف لا بد وأن يكون إما ساكنا أو متحركا ، ولا نريد به حلول الحركة والسكون فيه ؛ لأنهما من صفات الأجسام ، بل المراد أنه يوجد عقيب الصامت بصوت مخصوص .

المسألة الثامنة :

الحركات أبعاض المصوتات ، والدليل عليه أن هذه المصوتات قابلة للزيادة والنقصان ، ولا طرف في جانب النقصان إلا هذه الحركات ، ولأن هذه الحركات إذا مدت حدثت المصوتات ، وذلك يدل على قولنا .

المسألة التاسعة :

الصامت سابق على المصوت الذي يسمى بالحركة ، بدليل أن التكلم بهذه الحركات موقوف على التكلم بالصامت ، فلو كانت هذه الحركات سابقة على هذه الصوامت لزم الدور وهو محال .

المسألة العاشرة :

الكلام الذي هو متركب من الحروف والأصوات فإنه يمتنع في بديهة العقل كونه قديما لوجهين :

الأول : أن الكلمة لا تكون كلمة إلا إذا كانت حروفها متوالية فالسابق المنقضي محدث ؛ لأن ما ثبت عدمه امتنع قدمه ، والآتي الحادث بعد انقضاء الأول لا شك أنه حادث .

والثاني : أن الحروف التي منها تألفت الكلمة إن حصلت دفعة واحدة لم تحصل الكلمة ؛ لأن الكلمة الثلاثية يمكن وقوعها على التقاليب الستة فلو حصلت الحروف معا لم يكن وقوعها على بعض تلك الوجوه أولى من وقوعها على سائرها ، ولو حصلت على التعاقب كانت حادثة ، واحتج القائلون بقدم الحروف بالعقل والنقل :

أما العقل : فهو أن لكل واحد من هذه الحروف ماهية مخصوصة باعتبارها تمتاز عما سواها ، والماهيات لا تقبل الزوال ولا العدم ، فكانت قديمة .

وأما النقل : فهو أن كلام الله قديم ، وكلام الله ليس إلا هذه الحروف ، فوجب القول بقدم هذه الحروف ، أما أن كلام الله قديم ؛ فلأن الكلام صفة كمال ، وعدمه صفة نقص ، فلو لم يكن كلام الله قديما لزم أن يقال : إنه تعالى كان في الأزل ناقصا ثم صار فيما لا يزال كاملا ، وذلك بإجماع المسلمين باطل ، وإنما قلنا : إن كلام الله تعالى ليس إلا هذه الحروف لوجوه :

أحدها : قوله تعالى : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) [ التوبة : 6 ] ومعلوم أن المسموع ليس إلا هذه الحروف ، فدل هذا على أن هذه الحروف كلام الله .

وثانيها : أن من حلف على سماع الله تعالى فإنه يتعلق البر والحنث بسماع هذه الحروف .

وثالثها : أنه نقل بالتواتر إلينا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إن هذا القرآن المسموع المتلو هو كلام الله " فمنكره منكر لما عرف بالتواتر من دين محمد عليه الصلاة والسلام فيلزمه الكفر .

والجواب عن الأول : أن ما ذكرتم غير مختص بماهية دون ماهية ، فيلزمكم قدم الكل ، وعن الثاني : أن ما ذكرتم من الاستدلال خفي في مقابلة البديهيات فيكون باطلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية