( 
فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم   ) . 
ثم قال تعالى : ( 
فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم   ) . 
اعلم أنه لما قال الله تعالى : ( 
والله يعلم إسرارهم   ) قال : فهب أنهم يسرون والله لا يظهره اليوم فكيف يبقى مخفيا وقت وفاتهم ؟ أو نقول كأنه تعالى قال : ( 
والله يعلم إسرارهم   ) وهب أنهم يختارون القتال لما فيه الضرب والطعان ، مع أنه مفيد على الوجهين جميعا ، إن غلبوا فالمال في الحال والثواب في المآل ، وإن غلبوا فالشهادة والسعادة ، فكيف حالهم إذا ضرب وجوههم وأدبارهم ، وعلى هذا فيه لطيفة ، وهي أن 
القتال في الحال إن أقدم على المبارزة فربما يهزم الخصم ويسلم وجهه وقفاه ، وإن لم يهزمه فالضرب على وجهه إن صبر وثبت ، وإن لم يثبت وانهزم ، فإن فات القرن فقد سلم وجهه وقفاه ، وإن لم يفته فالضرب على قفاه لا غير ، ويوم الوفاة لا نصرة له ولا مفر ، فوجهه وظهره مضروب مطعون ، فكيف يحترز عن الأذى ويختار العذاب الأكبر .