( 
ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين   ) 
قوله تعالى : ( 
ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين   ) 
اعلم أن هذا نوع 
من قبائح اليهود    . أما قوله تعالى : ( 
كتاب   ) فقد اتفقوا على أن هذا الكتاب هو القرآن لأن قوله تعالى : ( 
مصدق لما معهم   ) يدل على أن هذا الكتاب غير ما معهم وما ذاك إلا القرآن . أما قوله تعالى : ( 
مصدق لما معهم   ) ففيه مسألتان : 
المسألة الأولى : لا شبهة في أن القرآن مصدق لما معهم في أمر يتعلق بتكليفهم بتصديق 
محمد  صلى الله عليه وسلم في النبوة ، واللائق بذلك هو كونه موافقا لما معهم في دلالة نبوته إذ قد عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في سائر الشرائع وعرفنا أنه لم يرد الموافقة في باب أدلة القرآن ، لأن جميع كتب الله كذلك ولما بطل الكل ثبت أن المراد موافقته لكتبهم فيما يختص بالنبوة وما يدل عليها من العلامات والنعوت والصفات . 
المسألة الثانية : قرئ : " مصدقا " على الحال ، فإن قيل : كيف جاز نصبها عن النكرة ؟ قلنا : إذا وصفت النكرة تخصصت فصح انتصاب الحال عنها وقد وصف ( 
كتاب   ) بقوله : ( 
من عند الله   ) ? . 
المسألة الثالثة : في جواب " لما " ثلاثة أوجه : 
أحدها : أنه محذوف كقوله تعالى : ( 
ولو أن قرآنا سيرت به الجبال   ) [ الرعد : 31 ] فإن جوابه محذوف وهو : لكان هذا القرآن - عن 
الأخفش  والزجاج    . 
وثانيها : أنه على التكرير لطول الكلام والجواب : كفروا به كقوله تعالى : ( 
أيعدكم أنكم   ) [ المؤمنون : 35 ] إلى قوله تعالى : ( 
أنكم مخرجون   ) ? ( المؤمنون : 35 ) عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد    . 
وثالثها : أن تكون الفاء جوابا للما الأولى و ( 
كفروا به   ) جوابا للما الثانية وهو كقوله : ( 
فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم   ) [ البقرة : 38 ] الآية ، عن 
الفراء    . 
أما قوله تعالى : ( 
وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا   ) ففي سبب النزول وجوه : 
أحدها : أن 
اليهود  من قبل مبعث 
محمد  عليه السلام ونزول القرآن كانوا يستفتحون ، أي يسألون الفتح والنصرة وكانوا يقولون : اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي الأمي . 
وثانيها : كانوا يقولون لمخالفيهم عند القتال : هذا نبي قد أظل زمانه ينصرنا عليكم ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . 
وثالثها : كانوا يسألون العرب عن مولده ويصفونه بأنه نبي من صفته كذا وكذا ، ويتفحصون عنه ، على الذين كفروا أي على مشركي العرب ، عن 
أبي مسلم    . 
ورابعها : نزلت في 
بني قريظة  والنضير  ، كانوا يستفتحون على 
الأوس  والخزرج  برسول الله قبل المبعث . عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  وقتادة  والسدي    . 
وخامسها : نزلت في أحبار 
اليهود  كانوا إذا قرءوا وذكروا 
محمدا  في التوراة وأنه   
[ ص: 165 ] مبعوث وأنه من العرب سألوا مشركي العرب عن تلك الصفات ليعلموا أنه هل ولد فيهم من يوافق حاله حال هذا المبعوث .