صفحة جزء
[ ص: 242 ] ( سورة الحشر )

وهي عشرون وأربع آيات مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر )

بسم الله الرحمن الرحيم

( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ) صالح بنو النضير رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يكونوا عليه ولا له ، فلما ظهر يوم بدر قالوا : هو النبي المنعوت في التوراة بالنصر ، فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا ، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة ، وحالفوا أبا سفيان عند الكعبة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقتل كعبا غيلة ، وكان أخاه من الرضاعة ، ثم صحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب وهو على حمار مخطوم بليف ، فقال لهم : اخرجوا من المدينة ، فقالوا : الموت أحب إلينا من ذلك فتنادوا بالحرب ، وقيل : استمهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أيام ليتجهزوا للخروج ، فبعث إليهم عبد الله بن أبي وقال : لا تخرجوا من الحصن ، فإن قاتلوكم فنحن معكم لا نخذلكم ، ولئن خرجتم لنخرجن معكم ، فحصنوا الأزقة ، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة ، فلما قذف الله في قلوبهم الرعب ، وأيسوا من نصر المنافقين ، طلبوا الصلح ، فأبى إلا الجلاء ، على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من متاعهم ، فجلوا إلى الشأم ، إلى أريحاء وأذرعات إلا أهل بيتين ، منهم آل أبي الحقيق ، وآل حيي بن أخطب ، فإنهم لحقوا بخيبر ، ولحقت طائفة بالحيرة . وههنا سؤالات :

السؤال الأول : ما معنى هذه اللام في قوله : ( لأول الحشر ) ؟

الجواب : إنها هي اللام في قولك : جئت لوقت كذا ، والمعنى : أخرج الذين كفروا عند أول الحشر .

السؤال الثاني : ما معنى "أول الحشر" ؟

الجواب : أن الحشر هو إخراج الجمع من مكان إلى مكان ، وأما أنه لم سمي هذا الحشر بأول الحشر فبيانه من وجوه :

أحدها : وهو قول ابن عباس والأكثرين أن هذا أول حشر أهل الكتاب ، أي أول مرة حشروا وأخرجوا من جزيرة العرب لم يصبهم هذا الذل قبل ذلك ؛ لأنهم [ ص: 243 ] كانوا أهل منعة وعز .

وثانيها : أنه تعالى جعل إخراجهم من المدينة حشرا ، وجعله أول الحشر من حيث يحشر الناس للساعة إلى ناحية الشام ، ثم تدركهم الساعة هناك .

وثالثها : أن هذا أول حشرهم ، وأما آخر حشرهم فهو إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام .

ورابعها : معناه أخرجهم من ديارهم لأول ما يحشرهم لقتالهم ؛ لأنه أول قتال قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وخامسها : قال قتادة : هذا أول الحشر ، والحشر الثاني نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، وذكروا أن تلك النار ترى بالليل ولا ترى بالنهار .

التالي السابق


الخدمات العلمية