( 
أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين   ) 
ثم إنه تعالى بعد تعديد هذه الصفات قال : ( 
أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين   ) وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : اعلم أن قوله : ( 
أن كان   ) يجوز أن يكون متعلقا بما قبله ، وأن يكون متعلقا بما بعده . 
أما الأول : فتقديره : ولا تطع كل حلاف مهين أن كان ذا مال وبنين ، أي لا تطعه مع هذه المثالب ليساره وأولاده وكثرته . 
وأما الثاني : فتقديره لأجل أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ، والمعنى لأجل أن كان ذا مال وبنين جعل مجازاة هذه النعم التي خولها الله له الكفر بآياته . 
قال 
أبو علي الفارسي    : العامل في قوله : ( 
أن كان   ) إما أن يكون هو قوله : ( تتلى ) أو قوله ( قال ) أو شيئا ثالثا ، والأول باطل لأن ( تتلى ) قد أضيفت ( إذا ) إليه ، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبله ، ألا ترى أنك لا تقول : القتال زيدا حين يأتي ، تريد حين يأتي زيدا ، ولا يجوز أن يعمل فيه أيضا ، قال لأن ( قال ) جواب ( إذا ) ، وحكم الجواب أن يكون بعد ما هو جواب له ، ولا يتقدم عليه ، ولما بطل هذان القسمان علمنا أن العامل فيه شيء ثالث دل ما في الكلام عليه ، وذلك هو يجحد أو يكفر ، أو يمسك عن قبول الحق أو نحو ذلك ، وإنما جاز أن يعمل المعنى فيه ، وإن كان متقدما عليه لشبهه بالظرف ، والظرف قد تعمل فيه المعاني وإن تقدم عليها ، ويدلك على مشابهته للظرف تقدير اللام معه ، فإن   
[ ص: 76 ] تقدير الآية : لأن كان ذا مال وإذا صار كالظرف لم يمتنع المعنى من أن يعمل فيه ، كما لم يمتنع من أن يعمل في نحو قوله : ( 
ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد   ) ( سبأ : 7 ) لما كان ظرفا ، والعامل فيه القسم الدال عليه قوله : ( 
إنكم لفي خلق جديد   ) فكذلك قوله : ( 
أن كان ذا مال وبنين   ) تقديره : أنه جحد آياتنا ؛ لأن كان ذا مال وبنين أو كفر بآياتنا ؛ لأن كان ذا مال وبنين . 
المسألة الثانية : قرئ : ( أأن كان ) على الاستفهام ، والتقدير : ألأن كان ذا مال كذب ، أو التقدير : أتطيعه لأن كان ذا مال . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  عن 
نافع    : إن كان بالكسر ، والشرط للمخاطب ، أي لا تطع كل حلاف شارطا يساره ، لأنه إذا أطاع الكافر لغناه فكأنه اشترط في الطاعة الغنى ، ونظير صرف الشرط إلى المخاطب صرف الترجي إليه في قوله : ( 
لعله يتذكر   ) ( طه : 44 ) . 
واعلم أنه تعالى لما حكى عنه قبائح أفعاله وأقواله قال متوعدا له :