صفحة جزء
[ ص: 102 ] ( إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم هاهنا حميم )

واعلم أنه تعالى لما شرح هذا العذاب الشديد ذكر سببه فقال :

( إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين ) .

فالأول إشارة إلى فساد حال القوة العاقلة .

والثاني إشارة إلى فساد حال القوة العملية ، وههنا مسائل :

المسألة الأولى : قوله : ( ولا يحض على طعام المسكين ) فيه قولان :

أحدهما : ولا يحض على بذل طعام المسكين .

والثاني : أن الطعام ههنا اسم أقيم مقام الإطعام كما وضع العطاء مقام الإعطاء في قوله :


وبعد عطائك المائة الرتاعا



المسألة الثانية : قال صاحب الكشاف : قوله : ( ولا يحض على طعام المسكين ) فيه دليلان قويان على عظم الجرم في حرمان المساكين :

أحدهما : عطفه على الكفر وجعله قرينة له .

والثاني : ذكر الحض دون الفعل ليعلم أن تارك الحض بهذه المنزلة ، فكيف بمن يترك الفعل .

المسألة الثالثة : دلت الآية على أن الكفار يعاقبون على ترك الصلاة والزكاة ، وهو المراد من قولنا : إنهم مخاطبون بفروع الشرائع ، وعن أبي الدرداء أنه كان يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين ، ويقول : خلعنا نصف السلسلة بالإيمان أفلا نخلع النصف الباقي ! وقيل : المراد منه منع الكفار , وقولهم : ( أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ) [يس : 47] .

ثم قال : ( فليس له اليوم هاهنا حميم ) أي : ليس له في الآخرة حميم أي قريب يدفع عنه ويحزن عليه ؛ لأنهم يتحامون ويفرون منه كقوله : ( ولا يسأل حميم حميما ) [المعارج : 10] وكقوله : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) [غافر : 18] .

التالي السابق


الخدمات العلمية