صفحة جزء
( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) .

النوع الثالث : مما ذكره الجن قوله تعالى : ( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ) السفه خفة العقل, والشطط مجاوزة الحد في الظلم وغيره, ومنه أشط في الصوم إذا أبعد فيه, أي يقول قولا هو في نفسه شطط لفرط ما أشط فيه .

واعلم أنه لما كان الشطط هو مجاوزة الحد ، وليس في اللفظ ما يدل على أن المراد مجاوزة الحد في جانب النفي أو في جانب الإثبات ، فحينئذ ظهر أن كلا الأمرين مذموم, فمجاوزة الحد في النفي تفضي إلى التعطيل , ومجاوزة الحد في الإثبات تفضي إلى التشبيه وإثبات الشريك والصاحبة والولد . وكلا الأمرين شطط ومذموم .

النوع الرابع : قوله تعالى : ( وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : معنى الآية أنا إنما أخذنا قول الغير لأنا ظننا أنه لا يقال الكذب على الله ، فلما [ ص: 138 ] سمعنا القرآن علمنا أنهم قد يكذبون ، وهذا منهم إقرار بأنهم إنما وقعوا في تلك الجهالات ، بسبب التقليد ، وأنهم إنما تخلصوا عن تلك الظلمات ببركة الاستدلال والاحتجاج .

المسألة الثانية : قوله : كذبا بم نصب ؟ فيه وجوه :

أحدها : أنه وصف مصدر محذوف والتقدير أن لن تقول الإنس والجن على الله قولا كذبا .

وثانيها : أنه نصب نصب المصدر ؛ لأن الكذب نوع من القول .

وثالثها : أن من قرأ : "أن لن تقول" وضع كذبا موضع تقولا ، ولم يجعله صفة ؛ لأن التقول لا يكون إلا كذبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية