أما قوله : ( 
ثم أضطره إلى عذاب النار   ) فاعلم أن في الاضطرار قولين : 
أحدهما : أن يفعل به ما يتعذر عليه الخلاص منه وههنا كذلك ، كما قال الله تعالى : ( 
يوم يدعون إلى نار جهنم دعا   ) [الطور : 13] و ( 
يسحبون في النار على وجوههم   ) [القمر : 48] يقال : اضطررته إلى الأمر أي ألجأته وحملته عليه من حيث كان كارها له ، وقالوا : إن أصله من الضر وهو إدناء الشيء من الشيء ، ومنه ضرة المرأة لدنوها وقربها . 
والثاني : أن الاضطرار هو أن يصير الفاعل بالتخويف والتهديد إلى أن يفعل ذلك الفعل اختيارا ، كقوله تعالى : ( 
فمن اضطر غير باغ ولا عاد   ) [البقرة : 173] فوصفه بأنه مضطر إلى تناول الميتة ، وإن كان ذلك الأكل فعله فيكون المعنى : أن الله تعالى يلجئه إلى أن يختار النار والاستقرار فيها بأن أعلمه بأنه لو رام التخلص لمنع منه ، لأن من هذا حاله يجعل ملجأ إلى الوقوع في النار ، ثم بين تعالى أن ذلك بئس المصير ، لأن نعم المصير ما ينال فيه النعيم والسرور ، وبئس المصير ضده .