صفحة جزء
المسألة التاسعة : لما دلت الآية على وجوب الاستقبال ، وثبت بالعقل أنه لا سبيل إلى الاستقبال إلى الجهات إلا بالاجتهاد ، وثبت بالعقل أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، لزم القطع بوجوب الاجتهاد ، والاجتهاد لا بد وأن يكون مبنيا على الظن ، فكانت الآية دالة على التكليف بالظن ، فثبت بهذا أن التكليف بالظن واقع في الجملة ، وقد استدل الشافعي - رضي الله عنه - بذلك على أن القياس حجة في الشرع ، وهو ضعيف ؛ لأنه إثبات للقياس بالقياس ، وذلك لا سبيل إليه ، والله أعلم .

المسألة العاشرة : الظاهر أنه لا يجب نية استقبال القبلة ؛ لأن الآية دلت على وجوب الاستقبال ، والآتي به آت بما دلت الآية عليه ، فوجب أن لا يجب عليه نية أخرى ، كما في ستر العورة وطهارة المكان والثوب .

المسألة الحادية عشرة : استقبال القبلة ساقط عند قيام العذر كما في حال المسايفة ، ويلحق به الخوف على النفس من العدو ، أو من السبع ، أو من الجمل الصائل ، أو عند الخطأ في القبلة بسبب التيامن والتياسر ، أو في أداء النوافل ، وهذا يقتضي أن العاجز عن تحصيل العلم والظن إذا أدى الصلاة أن يسقط عنه القضاء ، وكذا المجتهد إذا بان له تعين الخطأ .

المسألة الثانية عشرة : إذا توجه إلى جهة ثم تغير اجتهاده وهو في الصلاة فعليه أن ينحرف ويتحول ويبني ، لأن عارض الاجتهاد لا يبطل السابق ، فكذلك فيمن صدق مخبرا ، ثم جاء آخر - نفسه إليه أسكن - فأخبره بخلافه ، فهذا ما يتعلق بالمسائل المستنبطة من هذه الآية في حكم الاستقبال والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية