1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما
صفحة جزء
أما قوله تعالى : ( فإن الله شاكر عليم ) فاعلم أن الشاكر في اللغة هو المظهر للإنعام عليه ، وذلك في حق الله تعالى محال ، فالشاكر في حقه تعالى مجاز ، ومعناه المجازي على الطاعة : وإنما سمى المجازاة على الطاعة شكرا لوجوه :

الأول : أن اللفظ خرج مخرج التلطف للعباد مبالغة في الإحسان إليهم ، كما قال تعالى : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) [ البقرة : 245 ] وهو تعالى لا يستقرض من عوض ، ولكنه تلطف في الاستدعاء ، كأنه قيل : من ذا الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم .

الثاني : أن الشكر لما كان مقابلا للإنعام أو الجزاء عليه سمي كل ما كان جزاء شكرا على سبيل التشبيه .

الثالث : كأنه يقول : أنا وإن كنت غنيا عن طاعتك إلا أني أجعل لها من الموقع بحيث لو صح على أن أنتفع بها لما ازداد وقعه على ما حصل ، وبالجملة فالمقصود بيان أن طاعة العبد مقبولة عند الله تعالى ، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات .

وأما قوله : ( عليم ) فالمعنى أنه يعلم قدر الجزاء فلا يبخس المستحق حقه ؛ لأنه تعالى عالم بقدره ، وعالم بما يزيد عليه من التفضل ، وهو أليق بالكلام ليكون لقوله تعالى : ( عليم ) تعلق بـ ( شاكر ) ويحتمل أنه يريد أنه عليم بما يأتي العبد فيقوم بحقه من العبادة والإخلاص وما يفعله لا على هذا الحد ، وذلك ترغيب في أداء ما يجب على شروطه ، وتحذير من خلاف ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية