صفحة جزء
المسألة الثالثة : قال الواحدي : الميتة ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح ، وأما الدم فكانت العرب تجعل الدم في المباعر وتشويها ثم تأكلها ، فحرم الله الدم ، وقوله : ( لحم الخنزير ) أراد الخنزير بجميع أجزائه ، لكنه خص اللحم ؛ لأنه المقصود بالأكل ، وقوله : ( وما أهل به لغير الله ) قال الأصمعي : الإهلال أصله رفع الصوت ، فكل رافع صوته فهو مهل ، وقال ابن أحمر :


يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر



هذا معنى الإهلال في اللغة ، ثم قيل للمحرم مهل لرفعه الصوت بالتلبية عند الإحرام ، هذا معنى الإهلال ، يقال : أهل فلان بحجة أو عمرة أي أحرم بها ، وذلك لأنه يرفع الصوت بالتلبية عند الإحرام ، والذابح مهل ؛ لأن العرب كانوا يسمون الأوثان عند الذبح ، ويرفعون أصواتهم بذكرها ، ومنه : استهل الصبي ، فمعنى قوله : ( وما أهل به لغير الله ) يعني ما ذبح للأصنام ، وهو قول مجاهد والضحاك وقتادة ، وقال الربيع بن أنس وابن زيد : يعني ما ذكر عليه غير اسم الله ، وهذا القول أولى ؛ لأنه أشد مطابقة للفظ ، قال العلماء : لو أن مسلماذبح ذبيحة ، وقصد بذبحها التقرب إلى غير الله صار مرتدا ، وذبيحته ذبيحة مرتد ، وهذا الحكم في غير ذبائح أهل الكتاب ، أما ذبائح أهل الكتاب ، فتحل لنا لقوله تعالى : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) [ المائدة : 5 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية