المسألة الثامنة : اختلفوا في 
الجنين إذا خرج ميتا بعد ذبح الأم ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : لا يؤكل إلا أن يخرج حيا فيذبح ، وهو قول 
حماد  ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وأبو يوسف  ومحمد    : إنه يؤكل . وهذا هو المروي عن 
علي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر    . 
وقال 
مالك    : إن تم خلقه ونبت شعره أكل ، وإلا لم يؤكل ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب    . واحتج 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  بظاهر هذه الآية ، وهو أنه ميتة ، فوجب أن يحرم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، أخصص هذا العموم بالخبر والقياس ، أما الخبر فهو أنا أجمعنا على أن المذكى مباح وهذا مذكى ، لما روى 
أبو سعيد الخدري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء  ، 
وأبو أمامة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر  ، 
وأبو أيوب  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة  رضي الله عنهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011728ذكاة الجنين ذكاة أمه   " وتقريره أن كون الذكاة سببا للإباحة حكم شرعي ، فجاز أن تكون 
ذكاة الجنين حاصلة شرعا بتحصيل ذكاة أمه . 
أجاب الحنفيون بأن قوله : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011728ذكاة الجنين ذكاة أمه   " يحتمل أن يريد به أن ذكاة أمه ذكاة له ، ويحتمل أن يريد به إيجاب تذكيته كما تذكى أمه ، وأنه لا يؤكل بغير ذكاة ، كقوله تعالى : ( 
وجنة عرضها السماوات والأرض   ) [ آل عمران : 133 ] ومعناه كعرض السماوات والأرض ، وكقول القائل : قولي قولك ، ومذهبي مذهبك ، وإنما المعنى : قولي كقولك ، ومذهبي كمذهبك ، وقال الشاعر : 
فعيناك عيناها وجيدك جيدها 
وإذا ثبت ما ذكرنا كان أحد الاحتمالين إيجاب تذكيته وأنه لا يؤكل غير مذكى في نفسه ، والآخر أن ذكاة أمه تبيح أكله ، وإذا كان كذلك لم يجز تخصيص الأمر بل يجب حمله على المعنى الموافق للآية . 
أجاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رضي الله عنه من وجوه : 
أحدها : أن على الاحتمال الذي ذكرتموه لا بد فيه من إضمار وهو أن ذكاة الجنين كذكاة أمه ، والإضمار خلاف الأصل . 
وثانيها : أنه لا يسمى جنينا إلا حال كونه في بطن أمه ، ومتى ولد لا يسمى جنينا ، والنبي عليه الصلاة والسلام إنما أثبت له الذكاة حال كونه جنينا ، فوجب أن   
[ ص: 17 ] يكون في تلك الحالة مذكى بذكاتها . 
وثالثها : أن حمل الخبر على ما ذكرت من إيجاب ذكاته إذا خرج حيا تسقط فائدته ؛ لأن ذلك معلوم قبل وروده . 
ورابعها : ما روي عن 
أبي سعيد  أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الجنين يخرج ميتا ، قال : إن شئتم فكلوه ، فإن ذكاته ذكاة أمه . 
وأما القياس فمن وجوه : 
أحدها : أنا أجمعنا على أن من 
ضرب بطن امرأته فماتت وألقت جنينا ميتا ، لم ينفرد الجنين بحكم نفسه ، ولو خرج الولد حيا ثم مات انفرد بحكم نفسه دون أمه في إيجاب الغرة ، فكذلك جنين الحيوان إذا مات عن ذبح أمه وخرج ميتا ، كان تبعا للأم في الذكاة ، وإذا خرج حيا لم يؤكل حتى يذكى . 
وثانيها : أن الجنين حال اتصاله بالأم في حكم عضو من أعضائها فوجب أن يحل بذكاتها كسائر الأعضاء . 
وثالثها : الواجب في الولد أن يتبع الأم في الذكاة ، كما يتبع الولد الأم في العتاق والاستيلاد والكتابة ونحوها .