1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار
صفحة جزء
( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ) .

قوله : ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ) .

اعلم أنه تعالى لما وصف علماء اليهود بكتمان الحق وعظم في الوعيد عليه ، وصف ذلك الجرم ليعلم أن ذلك العقاب إنما عظم لهذا الجرم العظيم .

واعلم أن الفعل إما أن يعتبر حاله في الدنيا أو في الآخرة ، أما في الدنيا فأحسن الأشياء الاهتداء والعلم وأقبح الأشياء الضلال والجهل ، فلما تركوا الهدى والعلم في الدنيا ، ورضوا بالضلال والجهل ، فلا شك أنهم في نهاية الخسارة في الدنيا ، وأما في الآخرة فأحسن الأشياء المغفرة ، وأخسرها العذاب ، فلما تركوا المغفرة ورضوا بالعذاب ، فلا شك أنهم في نهاية الخسارة في الآخرة .

وإذا كانت صفتهم على ما ذكرناه ، كانوا لا محالة أعظم الناس خسارا في الدنيا وفي الآخرة ، وإنما حكم تعالى عليهم بأنهم اشتروا العذاب بالمغفرة ؛ لأنهم لما كانوا عالمين بما هو الحق ، وكانوا عالمين بأن في إظهاره وإزالة الشبهة عنه أعظم الثواب ، وفي إخفائه وإلقاء الشبهة فيه أعظم العقاب ، فلما أقدموا على إخفاء ذلك الحق كانوا بائعين للمغفرة بالعذاب لا محالة .

التالي السابق


الخدمات العلمية