1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد
صفحة جزء
( ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ) .

قوله تعالى : ( ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ) .

اعلم أن في الآية مسائل :

المسألة الأولى : اختلفوا في أن قوله : ( ذلك ) إشارة إلى ماذا ؟ فذكروا وجهين :

الأول : أنه إشارة إلى ما تقدم من الوعيد ؛ لأنه تعالى لما حكم على الذين يكتمون البينات بالوعيد الشديد ، بين أن ذلك الوعيد على ذلك الكتمان إنما كان لأن الله نزل الكتاب بالحق في صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن هؤلاء اليهود والنصارى لأجل مشاقة الرسول يخفونه ويوقعون الشبهة فيه ، فلا جرم استحقوا ذلك الوعيد الشديد ، ثم قد تقدم في وعيدهم أمور :

أحدها : أنهم اشتروا العذاب بالمغفرة .

وثانيها : اشتروا الضلالة [ ص: 29 ] بالهدى .

وثالثها : أن لهم عذابا أليما .

ورابعها : أن الله لا يزكيهم .

وخامسها : أن الله لا يكلمهم . فقوله : ( ذلك ) يصلح أن يكون إشارة إلى كل واحد من هذه الأشياء ، وأن يكون إشارة إلى مجموعها .

الثاني : أن ( ذلك ) إشارة إلى ما يفعلونه من جراءتهم على الله في مخالفتهم أمر الله ، وكتمانهم ما أنزل الله تعالى ، فبين تعالى أن ذلك إنما هو من أجل أن الله نزل الكتاب بالحق ، وقد نزل فيه أن هؤلاء الرؤساء من أهل الكتاب لا يؤمنون ولا ينقادون ، ولا يكون منهم إلا الإصرار على الكفر ، كما قال : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) [ البقرة : 6 ] .

المسألة الثانية : قوله : ( ذلك ) يحتمل أن يكون في محل الرفع أو في محل النصب ، أما في محل الرفع بأن يكون مبتدأ ، ولا محالة له خبر ، وذلك الخبر وجهان :

الأول : التقدير ؛ ذلك الوعيد معلوم لهم بسبب أن الله نزل الكتاب بالحق ، فبين فيه وعيد من فعل هذه الأشياء فكان هذا الوعيد معلوما لهم لا محالة .

الثاني : التقدير : ذلك العذاب بسبب أن الله نزل الكتاب وكفروا به ، فيكون الباء في محل الرفع بالخبرية ، وأما في محل النصب فلأن التقدير : فعلنا ذلك بسبب أن الله نزل الكتاب بالحق وهم قد حرفوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية