1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
صفحة جزء
البحث الرابع : بأي معنى أثبت الله وصف الأخوة .

والجواب : قيل : إن ابن عباس تمسك بهذه الآية في بيان كون الفاسق مؤمنا من ثلاثة أوجه :

الأول : أنه تعالى سماه مؤمنا حال ما وجب القصاص عليه ، وإنما وجب القصاص عليه إذا صدر عنه القتل العمد العدوان ، وهو بالإجماع من الكبائر ، وهذا يدل على أن صاحب الكبيرة مؤمن .

والثاني : أنه تعالى أثبت الأخوة بين القاتل وبين ولي الدم ، ولا شك أن هذه الأخوة تكون بسبب الدين ، لقوله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) [ الحجرات : 10 ] فلولا أن الإيمان باق مع الفسق وإلا لما بقيت الأخوة الحاصلة بسبب الإيمان .

الثالث : أنه تعالى ندب إلى العفو عن القاتل ، والندب إلى العفو إنما يليق بالمؤمن ، أجابت المعتزلة عن الوجه الأول فقالوا : إن قلنا المخاطب بقوله : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) هم الأئمة فالسؤال زائل ، وإن قلنا : إنهم هم القاتلون فجوابه من وجهين :

أحدهما : أن القاتل قبل إقدامه على القتل كان مؤمنا ، فسماه الله تعالى مؤمنا بهذا التأويل .

والثاني : أن القاتل قد يتوب ، وعند ذلك يكون مؤمنا ، ثم إنه تعالى أدخل فيه غير التائب على سبيل التغليب .

وأما الوجه الثاني : وهو ذكر الأخوة ، فأجابوا عنه من وجوه :

الأول : أن الآية نازلة قبل أن يقتل أحد أحدا ، ولا شك أن المؤمنين إخوة قبل الإقدام على القتل .

والثاني : الظاهر أن الفاسق يتوب ، وعلى هذا التقدير يكون ولي المقتول أخا له .

والثالث : يجوز أن يكون جعله أخا له في النسب كقوله تعالى : ( وإلى عاد أخاهم هودا ) [ الأعراف : 65 ] .

والرابع : أنه حصل بين ولي الدم وبين القاتل تعلق واختصاص ، وهذا القدر يكفي في إطلاق اسم الأخوة ، كما تقول للرجل : قل لصاحبك كذا إذا كان بينهما أدنى تعلق .

والخامس : ذكره بلفظ الأخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية في الإقرار والاعتقاد .

والجواب : أن هذه الوجوه بأسرها تقتضي تقييد الأخوة بزمان دون زمان ، وبصفة دون صفة ، والله تعالى أثبت الأخوة على الإطلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية