صفحة جزء
المسألة الرابعة : زعم الأعمش أنه يحل الأكل والشرب والجماع بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس قياسا لأول النهار على آخره ، فكما أن آخره بغروب القرص ، وجب أن يكون أوله بطلوع القرص ، وقال في الآية إن المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود النهار والليل ، ووجه الشبه ليس إلا في البياض والسواد ، فإما أن يكون التشبيه في الشكل مرادا فهذا غير جائز لأن ظلمة الأفق حال طلوع الصبح لا يمكن تشبيهها بالخيط الأسود في الشكل البتة ، فثبت أن المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود هو النهار والليل ثم لما بحثنا عن حقيقة الليل في قوله : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وجدناها عبارة عن زمان غيبة الشمس بدليل أن [ ص: 95 ] الله تعالى سمى ما بعد المغرب ليلا مع بقاء الضوء فيه فثبت أن يكون الأمر في الطرف الأول من النهار كذلك ، فيكون قبل طلوع الشمس ليلا ، وأن لا يوجد النهار إلا عند طلوع القرص ، فهذا تقرير قول الأعمش ، ومن الناس من سلم أن أول النهار إنما يكون من طلوع الصبح فقاس عليه آخر النهار ، ومنهم من قال : لا يجوز الإفطار إلا بعد غروب الحمرة ، ومنهم من زاد عليه وقال : بل لا يجوز الإفطار إلا عند طلوع الكواكب ، وهذه المذاهب قد انقرضت ، والفقهاء أجمعوا على بطلانها فلا فائدة في استقصاء الكلام فيها .

المسألة الخامسة : " الفجر " مصدر قولك : فجرت الماء أفجره فجرا ، وفجرته تفجيرا ، قال الأزهري : الفجر أصله الشق ، فعلى هذا : الفجر في آخر الليل هو انشقاق ظلمة الليل بنور الصبح ،

التالي السابق


الخدمات العلمية