صفحة جزء
[ ص: 98 ] المسألة الرابعة : يجوز الاعتكاف بغير صوم والأفضل أن يصوم معه ، وقال أبو حنيفة لا يجوز إلا بالصوم ، حجة الشافعي - رضي الله عنه - هذه الآية ، لأنه بغير الصوم عاكف والله تعالى منع العاكف من مباشرة المرأة ولو كان اعتكافه باطلا لما كان ممنوعا ترك العمل بظاهر اللفظ إذا ترك النية ، فيبقى فيما عداه على الأصل ، واحتج المزني بصحة قول الشافعي - رضي الله عنهما - بأمور ثلاثة :

الأول : لو كان الاعتكاف يوجب الصوم لما صح في رمضان ، لأن الصوم الذي هو موجبه إما صوم رمضان ، وهو باطل لأنه واجب بسبب الشهر لا بسبب الاعتكاف ، أو صوم آخر سوى صوم رمضان ، وذلك ممتنع ، وحيث أجمعوا على أنه يصح في رمضان ، علمنا أن الصوم لا يوجبه الاعتكاف .

والثاني : أنه لو كان الاعتكاف لا يجوز إلا مقارنا بالصوم لخرج الصائم بالليل عن الاعتكاف لخروجه فيه عن الصوم ، ولما كان الأمر بخلاف ذلك ، علمنا أن الاعتكاف يجوز مفردا أبدا بدون الصوم .

والثالث : ما روى ابن عمر - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف لله ليلة ، فقال عليه الصلاة والسلام : أوف بنذرك . ومعلوم أنه لا يجوز الصوم في الليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية