صفحة جزء
المسألة الثانية : اتفق الجمهور على أن حكم هذه الآية حرمة القتال في الشهر الحرام ، ثم اختلفوا أن ذلك الحكم هل بقي أم نسخ فنقل عن ابن جريج ، أنه قال : حلف لي عطاء بالله أنه لا يحل للناس الغزو في الحرم ، ولا في الأشهر الحرم ، إلا على سبيل الدفع ، روى جابر قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى . وسئل سعيد بن المسيب : هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام ؟ قال : نعم ، قال أبو عبيد : والناس بالثغور اليوم جميعا على هذا القول يرون الغزو مباحا في الشهور كلها ، ولم أر أحدا من علماء الشام والعراق ينكره عليهم كذلك حسب قول أهل الحجاز .

والحجة في إباحته قوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [التوبة : 5] وهذه الآية ناسخة لتحريم القتال في الشهر الحرام ، والذي عندي أن قوله تعالى : ( قل قتال فيه كبير ) هذا نكرة في سياق الإثبات ، فيتناول فردا واحدا ، ولا يتناول كل الأفراد ، فهذه الآية لا دلالة فيها على تحريم القتال مطلقا في الشهر الحرام ، فلا حاجة إلى تقدير النسخ فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية