1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما
صفحة جزء
النوع الثاني من الدلائل على أن كل مسكر خمر : التمسك بالاشتقاقات ، قال أهل اللغة : أصل هذا الحرف التغطية ، سمي الخمار خمارا ؛ لأنه يغطي رأس المرأة ، والخمر ما واراك من شجر وغيره ، من وهدة وأكمة ، وخمرت رأس الإناء أي غطيته ، والخامر هو الذي يكتم شهادته ، قال ابن الأنباري : سميت خمرا ؛ لأنها تخامر العقل ، أي تخالطه ، يقال : خامره الداء إذا خالطه ، وأنشد لكثير :


هنيئا مريئا غير داء مخامر



ويقال : خامر السقام كبده ، وهذا الذي ذكره راجع إلى الأول ; لأن الشيء إذا خالط الشيء صار بمنزلة الساتر له ، فهذه الاشتقاقات دالة على أن الخمر ما يكون ساترا للعقل ، كما سميت مسكرا لأنها تسكر العقل أي تحجزه ، وكأنها سميت بالمصدر من خمره خمرا إذا ستره للمبالغة ، ويرجع حاصله إلى أن الخمر هو السكر ; لأن السكر يغطي العقل ، ويمنع من وصول نوره إلى الأعضاء ، فهذه الاشتقاقات من أقوى الدلائل على أن مسمى الخمر هو المسكر ، فكيف إذا انضافت الأحاديث الكثيرة إليه لا يقال : هذا إثبات للغة بالقياس ، وهو غير جائز ; لأنا نقول : ليس هذا إثباتا للغة بالقياس ، بل هو تعيين المسمى بواسطة هذه الاشتقاقات ، كما أن أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله يقولون : إن مسمى النكاح هو الوطء ويثبتونه بالاشتقاقات ، ومسمى الصوم هو الإمساك ، ويثبتونه بالاشتقاقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية