صفحة جزء
[ ص: 351 ] مسألة

( والموجب له شيئان : خروج المني وهو الماء الدافق ، والتقاء الختانين )

والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع ، أما الكتاب فقوله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) إلى قوله تعالى : ( أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ) .

وقوله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) إلى قوله تعالى : ( أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ) يقال : رجل جنب ، ورجلان جنبان ، ورجال جنب ، وربما قيل : أجناب وجنبون ، واللغة المشهورة : أجناب ، ويقال : جنب ، يقال : سمي بذلك لأن الماء جانب محله ، ويقال : لأنه يجتنب الصلاة ومواضعها وما أشبهها من العبادات ، وتجتنبه الملائكة . والجنب اسم يجمع المنزل الماء والواطئ أيضا ، والسنة فسرت ذلك . أما الأول فقد تقدم حديث علي : " في المذي الوضوء وفي المني الغسل " وعن أم سلمة قالت : جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال : " نعم إذا رأت الماء " . متفق عليه ، وسواء خرج المني من يقظة أو نوم عن تفكر أو نظر أو مس أو غير ذلك .

وهذا من العلم العام الذي استفاضت به السنن واجتمعت عليه الأمة ، والمني هو الماء الدافق إذا خرج بشهوة ، وماء الرجل أبيض غليظ يشبه رائحة طلع النخل ورائحة العجين ، ومني المرأة أصفر رقيق ، فإن خرج بغير دفق [ ص: 352 ] وشهوة مثل أن يخرج لمرض أو إبردة ، فلا غسل فيه في المشهور من نصه ومذهبه ؛ لأن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال : " إذا حذفت الماء فاغتسل من الجنابة ، وإذا لم تكن حاذفا فلا تغتسل " رواه أحمد .

وفي رواية لأحمد وأبي داود : " فإذا رأيت المذي " فاعتبر الحذف والفضخ وهو خروجه بقوة وشدة وعجلة كما تخرج الحصاة من بين يدي الحاذف ، والنواة من بين مجرى الفاضخ .

وروى سعيد في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومجاهد وعطاء قالوا : دخلت أم سليم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله المرأة ترى في منامها كما يرى الرجل ، أفيجب عليها الغسل ؟ قال : " هل تجد شهوة ؟ قالت : لعله ، قال : وهل ترى بللا ، قالت : لعله ، قال : فلتغتسل " وهذا تفسير ما جاء من العمومات مثل قوله : " الماء من الماء " وقوله : " إذا رأت المني فلتغتسل " وبين أنه ليس بمني ؛ لفساده واستحالته ، أو وإن كان منيا لكان لفساده خرج عن حكمه ؛ لأنه خارج يوجب الغسل ، فإذا تغير عن صفة [ ص: 353 ] الصحة والسلامة لم يوجب كدم الاستحاضة مع دم الحيض ، وذكر القاضي في الجامع رواية ثانية له يوجب الغسل على أي صفة خرج بشهوة أو بغير شهوة ؛ للعمومات فيه ، وأخذها من نصه على أن من جامع ثم اغتسل ثم أنزل فعليه الغسل ، مع أن ظاهر حاله أنه يخرج بغير شهوة .

التالي السابق


الخدمات العلمية