صفحة جزء
فصل

والواجب في الغسل الإسباغ كالوضوء ، لكن يستحب أن لا ينقص في [ ص: 398 ] غسله من صاع ولا في وضوئه من مد ؛ لما روى سفينة قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد " رواه أحمد ، ومسلم ، وابن ماجه ، والترمذي وصححه . وعن أنس قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد " متفق عليه .

وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يجزئ في الغسل الصاع ومن الوضوء المد " رواه أحمد والأثرم . ولو أسبغ بدون ذلك جاز من غير كراهة إذا أتى بالغسل ولم يقتصر على مجرد المسح كالدهن ؛ لظاهر القرآن ، وحديث أم سلمة ، وجبير بن مطعم ، وأسماء ، فإنه علق الإجزاء بالإفاضة من غير تقدير ، وعن عائشة " أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك " رواه مسلم .

وعنها أيضا قالت : " لقد رأيتني أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا ، فإذا بتور موضوع مثل الصاع أو دونه ، فنشرع فيه جميعا ، فأفيض بيدي على رأسي ثلاث مرات وما أنقض لي شعرا " رواه النسائي .

وقال عبد الرحمن بن عطاء : سمعت سعيد بن المسيب يقول : " إن لي [ ص: 399 ] ركوة - أو قال : قدحا - ما تسع إلا نصف المد أو نحوه ، ثم أبول ثم أتوضأ ، وأفضل منه فضلا " قال عبد الرحمن : فذكرت ذلك لسليمان بن يسار فقال : وأنا يكفيني مثل ذلك . قال عبد الرحمن : فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقال أبو عبيدة : وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الأثرم . وقال إبراهيم النخعي : " كانوا أشد استبقاء للماء منكم ، وكانوا يرون أن ربع المد يجزئ من الوضوء " رواه سعيد . وإن زاد على ذلك زيادة يسيرة جاز . فأما السرف فمكروه جدا كما تقدم في الوضوء ، والصاع هنا كصاع الطعام المذكور في الكفارات والصدقات ، وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقي في المشهور عنه ، وقد روي عنه ما يدل على أن صاع الماء ثمانية أرطال والمد رطلان ، وهو اختيار القاضي في الخلاف وغيره ؛ لأن أنسا قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بإناء يكون رطلين ويغتسل بالصاع " رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ولفظه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يجزئ في الوضوء رطلان من ماء " وهذا يفسر روايته المتفق عليها : " كان يتوضأ بالمد " . وعن عائشة قالت : " كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد من قدح يقال له : الفرق " متفق عليه . والفرق ستة عشر رطلا بالعراقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية