صفحة جزء
فصل

فعلى الرواية المشهورة عن أحمد إذا قلنا : إنها لا تجلس ما زاد على أقل الحيض حتى تصير عادة ، وقلنا : العادة المعتبرة أن تتكرر ثلاث مرات ، فقالت طائفة من أصحابنا : في المرة الرابعة تعمل بها - فعلى هذا إذا تكرر الدم في الأشهر الثلاثة على قدر واحد جلسته في الشهر الرابع ، ولم تغتسل إلا حين الانقطاع ، ولم تصل ولم تصم ، وتقضي ما حاضت من الفرض في تلك الحيضات ، وإن اختلف قدر الدم جلست القروء والمتفق عليه ، فلو رأت شهرا سبعا وشهرا ستا وشهرا خمسا جلست في الرابع الخمس ؛ لأنها صارت عادة ، وسواء كان الاختلاف مرتبا أو غير مرتب ، فالمرتب أن تكون الزيادة والنقص على ترتيب ، مثل أن تحيض في الشهر الأول خمسا ، وفي الثاني ستا ، وفي الثالث سبعا ، أو بالعكس ، فتكون العادة خمسا على إحدى الروايتين ، وفي الأخرى ستا ، وغير المرتب مثل أن تحيض ستا ، ثم خمسا ، ثم سبعا ، فلا تكون العادة إلا الخمس ، لا تردد في أحد الوجهين ؛ لأن في اليوم السادس لم يتكرر متواليا ، بل انقطع في الشهر الثاني ، فيبطل كونه حيضا ، ولا بد في العادة من التكرر المتوالي ، وفي الوجه الآخر تجري فيه الروايتان ، ولا يجوز [ ص: 486 ] وطؤها في هذا الدم ، وأجزنا وطء المستحاضة ؛ لأن هذا الدم أسوأ أحواله أن يكون مشكوكا فيه ، فيجب الاحتياط بترك الوطء فيه كما احتيط بالصلاة فيه ، ولهذا كان صومها وطوافها واعتكافها هنا موقوفا ، وفي المستحاضة صحيحا ، وقال القاضي وابن عقيل : إذا أثبتنا العادة بثلاث مرات ، فإنا نتبعها في المرة الثالثة ، وإن أثبتناها بمرتين عملت بها في المرة الثالثة ، وكلام أحمد يقتضي هذا ، وهو أشبه ؛ لأن العادة في المرة الثالثة كأقل الحيض في أول مرة ، فوجب العمل به من أول زمنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية