صفحة جزء
[ ص: 71 ] القسم الثاني .

الكتاب المحقق .

[ ص: 72 ] [ ص: 73 ] كتاب الحج .

جماع معنى الحج في أصل اللغة : قصد الشيء وإتيانه ، ومنه سمي الطريق محجة لأنه موضع الذهاب والمجيء ويسمى ما يقصد الخصم حجة لأنه يأتمه وينتحيه ، ومنه في الاشتقاق الأكبر الحاجة ، وهو ما يقصد ويطلب للمنفعة به سواء قصده القاصد لمصلحته أو لمصلحة غيره ، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " .

وقول في حاجة الله ، وحاجة رسوله .

ومعلوم أنه إنما يقصد ويؤتى : ما يعظم ويعتقد الانتفاع به وإذا كان [ ص: 74 ] كذلك فلا بد أن يكثر اختلاف الناس إليه فكذلك يقول بعض أهل اللغة : الحج القصد ، ويقول بعضهم : هو القصد إلى من يعظم ، ويقول بعضهم : كثرة القصد إلى من يعظمه . ورجل محجوج ، ومكان محجوج ، أي مقصود مأتي . ومنه قوله :


وأشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا

[ ص: 75 ] قال ابن السكيت : يقول يكثرون الاختلاف إليه .

وقوله :

قالت تغيرتم بعدي فقلت لها     لا والذي بيته يا سلم محجوج

ثم غلب في الاستعمال الشرعي ، والعرفي على حج بيت الله - سبحانه وتعالى - وإتيانه . فلا يفهم عند الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد لأنه هو المشروع الموجود كثيرا وذلك كقوله تعالى: ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وقال تعالى : ( وأذن في الناس بالحج ) وقال سبحانه : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) وقد بين المحجوج في قوله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت ) وقوله تعالى : ( فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) فإن اللام في قوله ( البيت ) لتعريف الذي تقدم ذكره في أحد الموضعين وعلمه المخاطبون في الموضع الآخر . [ ص: 76 ] وفيه لغتان قد قرئ بهما . الحج ، والحج ، والحجة بفتح الحاء وكسرها . ثم حج البيت له صفة معلومة في الشرع من الوقوف بعرفة ، والطواف بالبيت ، وما يتبع ذلك فإن ذلك كله من تمام قصد البيت ، فإذا أطلق الاسم في الشرع انصرف إلى الأفعال المشروعة ; إما في الحج الأكبر ، أو الأصغر .

التالي السابق


الخدمات العلمية