[ ص: 161 ]   ( فصل ) 
ولا يجب عليه أن يحج بنفسه حتى يقدر على الركوب ، فمتى قدر على الركوب على حالة من الأحوال لزمه الحج بنفسه ، فإن عجز عنه لمرض ، أو كبر لم يلزمه . 
والمعتبر في ذلك : أن يخشى من ركوبه سقوطه ، أو مرض ، أو زيادة مرض ، أو تباطؤ برء ، ونحو ذلك . فأما إن كان توهما وجبنا ، أو مرة يعتريه أحيانا ، ويقدر أن يستطب ... . 
ثم إن كان ميئوسا من برئه فإنه يحج عن نفسه ، قال 
أحمد    - في رواية 
أبي طالب    - : يحج الرجل عن الرجل وهو حي وعن المرأة ، وإذا كان شيخا كبيرا لا يستمسك على الراحلة يحج عنه وليه ، وإذا كانت امرأة ثقيلة لا يقدر مثلها يركب ، والمريض الذي قد أويس منه أن يبرأ : فيحج عنهم وليهم ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014893وهذا الذي أمر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الخثعمية  قالت : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير وقد أدركته فريضة الله في الإسلام ، وهو لا يستمسك على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : ( نعم حجي عن أبيك   ) . 
فإذا 
كان الرجل والمرأة لا يقدران على الحج ، وقد وجب عليهما الحج   : حج عنهما وليهما .  
[ ص: 162 ] وإحجاجه عن نفسه : واجب عند أصحابنا على ما ذكره 
أبو عبد الله  سواء بلغ وهو معضوب ، أو عضب بعد ذلك قبل وجود المال ، أو بعد وجود المال . وظاهر كلام 
أبي بكر  وابن أبي موسى    : أنه لا يجب ؛ لأن 
ابن أبي موسى  ذكر أن شروط الوجوب : الحرية ، والبلوغ ، والإسلام ، والعقل ، والصحة ، والزاد والراحلة ، والمحرم للمرأة ، وخلو الطريق . وذكر 
أبو بكر    : أن 
الحج يجب على الرجل بثلاثة أوصاف   : بالزاد ، والراحلة ، والصحة . وعلى المرأة بأربعة أوصاف : الزاد ، والراحلة ، والصحة ، والمحرم . 
لما تقدم من أن 
الخثعمية  وغيرها أخبرت أن أباها قد فرض عليه الحج ، وأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمرها أن تحج عنه ، وشبه ذلك بالدين المقضي . ولولا أن الحج قد وجب على هذا المعضوب لما صح ذلك . 
فإن قيل : المراد أنه من أهل وجوب الحج ... . 
وأيضا : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014894فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل : ما يوجب الحج ؟ فقال : ( الزاد والراحلة   ) ولم يفرق بين القادر بنفسه والعاجز . 
وأيضا : فإن فرائض الله إذا قدر أن يفعلها بأصل أو بدل وجب عليه ذلك ، كما يجب بدل الصوم ، وهو الإطعام ، وبدل الكفارات ، وبدل الوضوء والغسل .  
[ ص: 163 ] وأيضا : فإنه من أهل وجوب الحج ، وهذه الحجة تجزئ عنه ، ويسقط بها عنه فرض الإسلام ، بنص النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أمكنته الاستنابة من غير ضرر في دينه ولا دنياه ؛ لأن النائب إن كان أجيرا فلا ضرر منه عليه فيه ؛ لأن عمله يقع مستحقا للمستأجر كالاستيجار على البناء والخياطة والكتابة . وإن كان نائبا محضا فإن النفقة إنما تجب في مال المستنيب ، فلا منة عليه في ذلك ، يبقى عمل النائب فقط وذلك لا منة فيه ؛ لأن له عوضا صحيحا في شهود المشاعر ، وعمل المناسك ، وحضور الموسم ، وله بذلك عمل صالح غير إبراء ذمة المنيب من حج الفرض ، وإنما بلغ ذلك بمال المستنيب فيصيران متعاونين على إقامة الحج ، هذا بماله ، وهذا ببدنه فليس لأحدهما منة على الآخر ، بخلاف ما لو حج عنه بمال نفسه . 
لا سيما إن كان الحاج وليه ، فإنه مأمور من جهة الشرع بأن يحج عنه   
[ ص: 164 ] صلة لرحمه ، وقضاء لحقه ، كما هو مأمور بالعقل عنه ، وولايته في النكاح وغيره ، ولا منة عليه بذلك . وإذا حج عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي . 
قال - في رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور  ، 
وأبي طالب    - : إذا لم يقدر على الحج فحجوا عنه ، ثم صح بعد ذلك وقدر : فقد قضي عنه الحج ولا قضاء عليه ، وعلى هذا عامة أصحابنا . 
فإن وجد الزاد والراحلة ، ولم يجد من يحج عنه فهو كما لو عاقه عائق ، أو ضاق الوقت هل يثبت الوجوب في ذمته ؟ على روايتين .