صفحة جزء
[ ص: 296 ] الفصل الثاني

إذا كان عليه فرض ونفل - لم يجز أن يحرم إلا بالفرض ، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدهما ، فإذا كان عليه حجة الإسلام ونذر ، بدأ بحجة الإسلام ، وإن كان عليه نذر وقضاء . . . .

وإن كان عليه حجة الإسلام وقضاء ، هذا هو المنصوص عنه في مواضع . . .

[ ص: 297 ] وذكر بعض أصحابنا رواية أخرى أنه يجوز أن يبدأ بالنفل قبل الفرض ، وبالنذر قبل حجة الإسلام تخريجا من المسألة قبلها ، ومن جواز الابتداء بالنفل على إحدى الروايتين في الصوم ، والصلاة ، ومن كونه قد نص على أن الفرض لا يجزئ إلا بتعيين النية .

ووجه الأول : ما اعتمده أحمد من إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، وقد سئل عمن حج في نذره ، ولم يكن حج حجة الإسلام ، فقال : كان ابن عباس يقول : يجزئه عن حجة الإسلام ، وقال ابن عمر : هذه حجة الإسلام أوف بنذرك ، فقد اتفقا على أنه إذا نوى النذر لا بد أن يقع عن حجة الإسلام .

وأيضا ما تقدم من أن الحج واجب على الفور ، أو أنه يتعين بشهود المشاعر ، فإن مأخذ هذه المسألة والتي قبلها واحد .

وأيضا فإن الحج مدته طويلة ، ولا يبلغ إلا بكلفة ومشقة ، ولا يفعل في العام إلا مرة ، ففي تقديم النفل على الفرض تغرير به وتفويت ، بخلاف الصوم إن [ ص: 298 ] سلمناه ، فعلى هذا إذا خالف ونوى النفل أو النذر ففيه روايتان منصوصتان : إحداهما : أنه يقع عن حجة الإسلام كما ذكره الشيخ ، وهو اختيار أكثر أصحابنا .

قال عبد الله : قلت لأبي : من نذر أن يحج ، وما حج حجة الإسلام ، قال : لا يجزئه يبدأ بفريضة الله ، ثم يقضي ما أوجب على نفسه ، واحتج بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن امرأة سألته ، فقال : هذه حجة الإسلام ، أوفي بنذرك .

ومعنى قوله : لا يجزئه عنهما ، بل تكون الأولى لحجة الإسلام ، وإن نوى النذر ؛ لأنه احتج بحديث ابن عمر ، وقال مرة : قلت لأبي : من حج عن نذره ، ولم يكن حج حجة الإسلام يجزئ عنه من حجة الإسلام ؟ قال : كان ابن [ ص: 299 ] عباس يقول : " يجزئه من حجة الإسلام " .

وقال ابن عمر : " هذه حجة الإسلام أوف بنذرك " فقد حكى اتفاقهما على أن ذلك يجزئ عن حجة الإسلام ، وأفتى بذلك ، وإنما اختلفا في الإجزاء عن النذر .

والثانية : لا يجزئ عن الفرض ، قال في رواية ابن القاسم في الرجل يحج ينوي التطوع : فالحج والصوم سواء لا يجزئ إلا بنية ، وهذا اختيار أبي بكر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وإنما لكل امرئ ما نوى " ولأنها إحدى العبادات ، فلا تجزئ عن الفرض بنية النفل كالصوم ، والصلاة ، وهذه الرواية مترددة بين صحة النفل ، وعلى ذلك حملها القاضي ، وبين فساد الإحرام ، وإذا قلنا فاسد فهل يمضي فيه ؟ فعلى هذا هل يصح بنية مطلقة ؟

ووجه الأول : ما احتج به أحمد من حديث ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم ، فعلى هذا إذا أحرم بالنذر ، وقلنا يجزئه عن حجة الإسلام فهل عليه [ ص: 300 ] قضاء النذر ؟ على روايتين ، وإن نوى عن الفرض فقط أو نوى عنهما ، أصحهما عليه قضاؤه ، كما قال ابن عمر ، وهو منصوصه في رواية عبد الله .

والثانية : تكفيه عنهما اختاره أبو حفص . . . .

وإن أحرم بحجة الإسلام في سنة قد نذر أن يحج فيها فهل تسقط عنه المنذورة ؟ فيه روايتان ، نقل أبو طالب تسقط عنه ، ونقل ابن منصور [ ص: 301 ] لا تسقط ، وهو أصح . قال القاضي : وأصلهما إذا نذر صوم يوم يقدم فلان ، فقدم أول يوم من شهر رمضان . . . .

التالي السابق


الخدمات العلمية