صفحة جزء
[ ص: 401 ] ( باب الإحرام)

مسألة : ( من أراد الإحرام استحب له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب ويتجرد عن المخيط في إزار ورداء أبيضين نظيفين ) .

وجملة ذلك أنه يستحب الاغتسال قبل الإحرام للرجل والمرأة ، سواء كانت طاهرا أو حائضا ، قال أحمد - في رواية صالح - : ويغتسل الرجل والمرأة إذا أرادا أن يهلا ويغتسلان إذا أرادا أن يدخلا الحرم ؛ فإن لم يفعلا فلا بأس ، وقال في رواية عبد الله : والحائض إذا بلغت الميقات فتغتسل وتصنع ما يصنع الحاج غير أن لا تطوف بالبيت ولا بالصفا والمروة ولا تدخل المسجد أعجب إلي ؛ لما روى زيد بن ثابت : " أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل " رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب ، والدارقطني .

[ ص: 402 ] وعن عائشة قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بخطمي وأشنان ودهنه بزيت غير كثير " وعن ابن عمر قال : " من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم ، وإذا أراد أن يدخل مكة " رواهما الدارقطني ، وروي أيضا عن ابن عباس قال : " اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج " وفيه يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ، وقد تكلم فيه .

وأما الحائض والنفساء فروى خصيف عن مجاهد ، وعكرمة وعطاء عن [ ص: 403 ] ابن عباس رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أن النفساء أو الحائض تغتسل وتحرم وتقضي المناسك كلها غير أن لا تطوف بالبيت " وفي لفظ : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الحائض والنفساء إذا أتيا على الوقت تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت حتى تطهر " رواه أبو داود والترمذي ، وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .

وعن عائشة قالت : " نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر بالشجرة [ ص: 404 ] فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهل " رواه مسلم والترمذي ، وكذلك في حديث جابر : " أن أسماء بنت عميس نفست بذي الحليفة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فأمرها أن تغتسل وتهل " رواه مسلم وغيره ، وعن أسماء بنت عميس : " أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مرها فلتغتسل ثم لتهل " رواه مالك وأحمد والنسائي .

[ ص: 405 ] وإذا رجت الحائض والنفساء أن تطهر أقامت حتى إذا طهرت اغتسلت إذا اتسع الزمان هكذا ، ذكر أصحابنا القاضي وابن عقيل ، وليس هذا الغسل واجبا نص عليه ، وقيل : إن بعض المدنيين يقول : من ترك الاغتسال فعليه دم ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسماء وهي نفساء : " اغتسلي " فكيف الطاهر ؟! فأظهر التعجب من هذا القول ، وكان ابن عمر يغتسل أحيانا ويتوضأ أحيانا وأي ذلك فعل أجزأه ، وذلك لما روي عن ابن عمر : " أنه توضأ مرة في عمرة اعتمرها ولم يغتسل ، وكان في عمرة إذا أتى ذا الحليفة تجرد واغتسل " رواهما سعيد .

وإن لم يكن هناك ماء فهل يتيمم ؟ على وجهين ، ويقال : روايتين . [ ص: 406 ] إحداهما : يتيمم ، قاله القاضي وابن عقيل ... .

التالي السابق


الخدمات العلمية