صفحة جزء
[ ص: 535 ] وأما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره ، فعنه ثلاثة أجوبة :

أحدها : أن هذا ليس بصحيح ، فإن أكابر الصحابة مثل عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعد بن أبي وقاص ، وعمران بن حصين ، وابن عمر ، وعائشة ، وابن عباس ، وأبي طلحة ، وأنس بن مالك ، وسراقة بن مالك ، كل هؤلاء يروون التمتع ، إما بأن يكون أحرم بالعمرة فلما قضاها أحرم بالحج ، أو أحرم بالعمرة والحج جميعا .

فإن رواية من قرن لا تخالف رواية من روى التمتع ، سواء أراد به أنه أهل بهما جميعا أو جمعهما في سفرة واحدة من شهر الحج ، وهذا لا يشك فيه ؛ لأنه قد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتمر مع حجته .

فروى أنس بن مالك : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر ، كلهن في ذي القعدة ، إلا التي مع حجته ؛ عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون ، وعمرة في العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم ، وعمرة الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة ، وعمرة مع حجته " متفق عليه .

وعن ابن عمر أيضا : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر ، وأقرته عائشة على ذلك " . متفق عليه .

[ ص: 536 ] وعن عائشة أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " اعتمرت ولم أعتمر ، قال : يا عبد الرحمن ، اذهب بأختك فأعمرها من التنعيم " . رواه البخاري .

وفي جميع الأحاديث تقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " تذهبون بحجة وعمرة ، وأذهب أنا بحجة " .

وهذه نصوص في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر قبل أن يحل من حجه ، وهو أيضا دليل على أن جميع الصحابة قد اعتمروا مع حجهم قبل ليلة الحصبة ، فعلم أنهم كانوا متمتعين أو قارنين .

وعن ابن عباس قال : " اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر : عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء من قابل ، والثالثة من الجعرانة ، والرابعة مع حجته " رواه الخمسة إلا النسائي .

وعن جابر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجج ، حجتين قبل أن [ ص: 537 ] يهاجر ، وحجة بعدما هاجر معها عمرة " رواه ابن ماجه ، والترمذي وقال : غريب .

ومعلوم قطعا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر عقيب الحجة هو ولا أحد من أصحابه سوى عائشة ، وإنما خرج من مكة ليلة الصدر .

وإنما اعتمد الناس في العمرة بعد الحج على حديث عائشة ، وقد تقدم ذلك مفسرا ، فيجب أن يكون اعتمر في أشهر الحج ، إما قبل الحج أو معه ، ولم يحل من إحرامه ، ومثل هذا يسمى قارنا ومتمتعا بكل حال ؛ لأنه جمعهما في إحرام واحد .

وأيضا فإنه قد روي عنه ألفاظ صريحة من قوله ؛ مثل قوله : " لبيك عمرة وحجا " ، وقوله : " إني قرنت " ، وقوله : " قل عمرة في حجة " ، ومثل ما روت حفصة قالت : " قلت : يا رسول الله ، ما بال الناس حلوا ولم تحل من عمرتك ؟ قال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر " . متفق عليه .

[ ص: 538 ] ومن ذكر أنه أفرد الحج فإنما أخبر عن اعتقاده .

وأيضا : فإن رواة التمتع أكثر عددا ، وأجل قدرا ، وروايتهم أصح سندا وأشهر نقلا .

وأيضا فإن كل من روى الإفراد روى عنه أنه تمتع من غير عكس ، بل طرق الروايات عن ابن عمر وعائشة بأنه تمتع أصح .

وأيضا : فإن عامة الروايات التي فيها الإفراد إنما ذكروه مع أصحابه ، مثل حديث جابر وابن عباس ، وكان قصدهم بذلك . . .

[ ص: 539 ] وأيضا فمعنى قولهم : أفرد الحج ؛ أي أنه لم يحل من إحرامه بعمرة مفردة ، ولم يطف للعمرة طوافا يتميز به ، فصورته صورة المفرد ، وإن لم يكن لكلامهم محمل صحيح ، فيجب أن يحكم بوقوع الخطأ في تلك الروايات ؛ لما تقدم .

وأيضا : فإن من روى أنه تمتع مثبت لزيادة نفاها غيره ، والمثبت أولى من النافي .

وقال أحمد - في رواية أبي طالب - : كان هذا في أول الأمر بالمدينة . وقد زعم بعض أصحابنا أنه يجوز أنه كان قد تحلل من عمرته ، ثم أحرم بالحج مفردا ، فيسمى مفردا لذلك . قال : وعلى هذا يجمع بين كونه متمتعا وكونه لم يفسخ الحج ، وإنما يمتنع الفسخ ممن كان قارنا أو مفردا . وهذا غلط ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتحلل في حجته ، وهم إنما سألوه عن كونه لم يحل ، سواء كان قد أحرم بعمرة أو بحجة ، ولم يسألوه عن كونه لم يفسخ ، كأن من أراد أن يجمع بينهما تمتع ولم يفرد ، على أنهم لو سألوه عن ذلك فلأنه كان قارنا .

[ ص: 540 ] الثاني : أنه وإن كان أفرد فهو لم يعتمر بعد حجته من التنعيم ولا من غيره هو ، ولا أحد من أصحابه غير عائشة ، وإنما كان قد اعتمر قبل ذلك ، والإفراد على هذا الوجه هو أفضل من التمتع ، ومن القران عندنا ، وهذا هو الجواب عمن أفرد الحج من الخلفاء الراشدين ، فإن أحدا منهم لم ينقل عنه أنه اعتمر في سفرته تلك ، وإنما كانوا يحجون ويرجعون ، ويعتمرون في وقت آخر أو لا يعتمرون ، وإفراد الحج على هذا الوجه أفضل من المتعة .

الثالث : أن آخر الأمرين منه كان التأسف على المتعة ؛ لأنه رأى الإحلال أفضل ، كما في حديث جابر ، وهو لم يكن يشك في جواز العمرة في أشهر الحج حتى يعتقد ما اعتقده في أصحابه من أنهم فسخوا ؛ لكونهم لم يكونوا يجوزون العمرة في أشهر الحج .

وأما كون المتعة تفتقر إلى دم ، فذلك الدم دم نسك ، بدليل أنه يجوز التمتع لغير عذر ، ودماء الجبران لا يجوز التزامها إلا لعذر ، وبدليل جواز الأكل منه ، كما نطقت به الأحاديث الصحيحة ، ثم نقول : وإن كان دم جبران فهو مخير بين استدامة الإحرام بلا جبران ، وبين الإحلال والجبران . وهذا أفضل ؛ لأن كلامهم فيمن يعتمر في ذي الحجة من أدنى الحل ، وهذه العمرة ليست بطايل .

فالإحلال والدم والعمرة في أثناء الحج أفضل منها . وهذا هو [ ص: 541 ] الجواب عن قولهم : المفرد يأتي بنسكين تامين ، فإنه متى أتم العمرة من دويرة أهله أو من . . . فهو أفضل من التمتع . والعمرة من أدنى الحل ليست بتلك التامة .

وأما كون المتعة رخصة : فكذلك الإحرام من أدنى الحل رخصة ، ثم الرخص في العبادات أفضل من الشدائد كما تقدم تقريره في الصلاة .

وأيضا : فإنه إذا اعتمر بعد الحجة : لم يتمكن من حلق رأسه ؛ لأنه لم يكن قد نبت شعره والحلق أو التقصير سنة عظيمة : فعمرة وحجة يأتي فيها بالحلق : أفضل من عمرة تخلو إحداهما عن الحلق والتقصير ، فإنه من جملة أعمال النسك .

[ ص: 542 ] وأيضا : فإن بعض الناس قد ذهب إلى أن العمرة من أدنى الحل لا تجزئ عن حجة الإسلام ، وكذلك عمرة القارن ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وذهب بعضهم إلى أن الاعتياض عنها بالطواف أفضل ، فيجب أن يكون ما أجمع على إجزائه ، ويتسع الوقت بعده للطواف أفضل .

وأيضا فإنه إذا أراد أن يجمع بينهما في سفرة واحدة كان تقديم العمرة أحوط له بخلاف ما إذا أخرها ، فإنه تغرير بها ؛ لأن وقت الواحد واحد لا يتغير بتقديم العمرة وتأخيرها ، وهذا معنى قول أحمد : هو آخر فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يجمع الحج والعمرة جميعا ، ويعمل لكل واحد على حدة ، فبين أنه يجمع الحج والعمرة فيحل منهما جميعا إذا قضى حجه ، وله فضيلة على القارن بأنه يعمل لكل واحد على حدة .

[ ص: 543 ] وأيضا : فإن التمتع بالعمرة إلى الحج مخالفة لهدي المشركين ودلهم ، فإنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ، وكلما كان من المناسك فيه مخالفة لهدي المشركين فإنه واجب ، أو مستحب ، مثل الخروج إلى عرفة ، وترك الوقوف عشية عرفة بمزدلفة ، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس ، والإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس ، والطواف بالثياب ، ودخول البيت من الباب وهو محرم ، والطواف بالصفا والمروة .

وأيضا : فما أشار إليه أحمد في رواية أبي طالب فقال : إذا دخل بعمرة فيكون قد جمع الله له عمرة وحجة ودما ؛ وهذا لأنه يأتي بالعمرة والحج على حدة ، وذلك أفضل من أن يجمعها بإحرام واحد ؛ لأنه يأتي بإحلالين ، وإحرامين ، وتلبيتين ، وطوافين ، وسعيين ، فهو يترجح على القارن من هذا الوجه ، وعمرته تجزئه عن عمرة الإسلام بالاتفاق بخلاف عمرة القارن فإن فيها اختلافا ، وليس القارن بأعجل من المتمتع ؛ لأن كلاهما يفرغ من العمرة والحج جميعا ، ويزيد المتمتع عليه بأنه يفرغ من العمرة قبله ، فيكون أسبق منه إلى أداء النسك .

ويترجح على المفرد : بأنه يأتي بالعمرة والحج في الوقت الذي يأتي فيه المفرد بالحج وحده ، ونسكان أفضل من نسك ، وأنه يأتي مع ذلك بدم المتمتع ، وهو دم نسك كما تقدم ؛ فيكون ما اشتمل على زيادة أفضل كما فضل المفرد على القارن ؛ لأنه يطوف ويسعى مرتين . وعمرة وحجة وهدي أفضل من حجة لا عمرة فيها ولا هدي .

وقد تقدم عن ابن عمر أنه نبه على هذا المعنى حيث قال : " لأن أعتمر في أشهر الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر في ذي الحجة بعد الحج ولا أهدي " .

[ ص: 544 ] ويتسع الوقت للمتمتع بعد الصدر من منى إن أحب أن يأتي بعمرة أخرى ، وإن أحب أن يطوف بالبيت ، فيكون ذلك زيادة ، لا سيما إن خيف أن لا يتمكن من الاعتمار بعد الحج لخوف ، أو غلاء ، أو غير ذلك .

فتحصيل العمرة قبل الحج أوثق . وإن كان الحاج امرأة خيف عليها أن تحيض بعد الصدر ، ويستمر بها الحيض حتى لا تتمكن من الاعتمار ، فإذا دخلت متمتعة وحاضت صنعت كما صنعت عائشة - رضي الله عنها - .

فأما إن ساق الهدي فينبغي أن يكون أفضل من الإفراد بلا تردد ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا شك أنه ساق الهدي ، وكان قارنا ، أو متمتعا . والأظهر أنه كان قارنا ، فكيف يفضل ما لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله ؟ وذلك لأنه يأتي بالعمرة والحج جميعا كما تقدم .

وأما كون الإفراد أفضل من القران ، فهكذا قال أصحابنا ، وهذا إذا لم يسق الهدي ولم أجد عن أحمد نصا بذلك ، قالوا : لأن في عمل المفرد زيارة على القارن ، وهو أنه يأتي بإحرامين ، وإحلالين ، وتلبيتين ، وطوافين ، وسعيين ، ويتوجه . . .

وأيضا : فإن المتعة قد اختلف في وجوبها ، سواء أحرم بالعمرة أولا ، أو بالحج ، أو بهما ، فكان ابن عباس يرى وجوبها ؛ فعن عطاء ومجاهد : " أن ابن عباس كان يأمر القارن أن يجعلها عمرة إذا لم يكن ساق الهدي " .

[ ص: 545 ] وعن أبي هشام " أنه قد قدم حاجا ، فسأل ابن عباس ، فقال : اجعلها عمرة ، ثم لقيت ابن عمر ، فقال : اثبت على إحرامك ، ثم رجعت إلى ابن عباس فأخبرته بقوله ، فقال : إن طوافك بالبيت ينقض حرمك ، كلما طفت فجدد إهلالا " ، وفي رواية قال : " أهللت بالحج ، فلقيت ابن عباس وأنا أطوف وألبي ، فقال : أبحجة أو بعمرة ؟ قلت : حجة ، قال : اجعلها عمرة ، قلت : كيف أجعلها عمرة وهذا أول ما حججت ؟ قال : فأكثر من التلبية فإن التلبية تشد الإحرام ، وإن البيت ينقض ، والصفا والمروة تنقض " .

وعن مسلم القري قال : " سمعت ابن عباس يقول : يحل الحج الطواف والسعي " .

وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال : " جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني قدمت حاجا ولم أذكر عمرة ، فطفت بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، فقال له ابن عباس : اعتمرت . فقال له القوم : إنك لم تفهمه ، فعاد فقال : إني قدمت حاجا ، قال : فصنعت ماذا ؟ قال : طفت بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، فقال : اعتمرت . فقالوا له : عد ؛ فإنه لم يفهم ، فقال : إني قدمت حاجا ولم أذكر عمرة ، فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة ، فقال : حدث أمر ؟ هي ثلاثا فإن أنت فأربع ، ولم يقل : هو ذاك . قال : وددت أنك قصرت " وتقدم عنه أنه قال : " والله ما تمت حجة [ ص: 546 ] رجل إلا بمتعة ، إلا رجل اعتمر في وسط السنة " ، وقد تأول على ذلك الكتاب والسنة .

قال أحمد : ثنا يحيى بن سعيد ، حدثني ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، قال : " قلت له : من أين كان ابن عباس يأخذ أنه من طاف بالبيت فقد حل ؟ قال : من قول الله - عز وجل - ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) ، ومن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يحلوا في حجة الوداع .

قال ابن أبي موسى : لا يستحب لأحد أن يحرم بنية الفسخ ، فأما من أحرم بالحج بنية المضي فيه ، ثم بدا له أن يفسخ رغبة في الجمع بين النسكين - في قلبه - جاز .

فإن قيل : فقد اختلف في كراهة المتعة كما حكيتم عن رجال من الصحابة ، وعن حيوة بن شريح قال : أخبرني أبو عيسى الخراساني ، عن عبد الله بن [ ص: 547 ] القاسم ، عن سعيد بن المسيب : " أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي قبض فيه : ينهى عن العمرة قبل الحج " .

وعن قتادة عن أبي شيخ الهنائي - ممن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهل البصرة - : " أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كذا وكذا ، وركوب جلود النمور ؟ قالوا : نعم ، قال : فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ، فقالوا : أما هذا فلا ، قال : أما إنها معها ولكن نسيتم " رواهما أبو داود . وهذا النهي [ ص: 548 ] إما أن يفيد الكراهة ، أو يكون معناه النهي عن فسخ الحج إلى العمرة ، وهو جمع بين الحج والعمرة .

قلنا : قد أجمع العلماء على أن المتعة لا تكره ، وقد ذكرنا معنى ما نقل في ذلك عن الصحابة ، ولكن كان بعض أمراء بني مروان يشدد في ذلك ، ويعاقب على المتعة . وهذا قد يكون رأى ذلك لنوع مصلحة ، مع أن هذا لا يعد خلافا .

[ ص: 549 ] وقد أنكر الصحابة الذين علموا معنى كلام عمر - مثل ابنه عبد الله وغيره - ذلك . على أنه لو نطق أحد بكراهة المتعة لكان مخصوما بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف من قال بوجوبها : فإنه أوجه حجة ، وأحسن انتزاعا ؛ إذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر المسلمين بها ، وتغيظ على من امتنع منها .

وأما الحديثان فشاذان منكران ، مخالفان لكتاب الله وسنة رسوله الناطقة بأن هذا الحكم لا ينسخ حيث قال : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " . قال أبو بكر الأثرم : قد يكون من الحافظ الوهم أحيانا . والأحاديث إذا تظاهرت وكثرت كانت أثبت من الواحد الشاذ ، كما قال إياس بن معاوية : وإياك والشاذ من العلم .

[ ص: 550 ] وقال إبراهيم بن آدم : إنك إن حملت شاذا من العلم حملت شرا كثيرا . قال : والشاذ - عندنا - هو الذي يجيء على خلاف ما جاء به غيره ، وليس الشاذ الذي يجيء وحده بشيء لم يجئ أحد بمثله ، ولم يخالفه غيره .

ولعل معناه : أن يعتمر الرجل قبل الحج ، ثم يرجع إلى مصره ، ويؤخر الحج عن ذلك العام ، فيكون هذا منهيا عنه ؛ لكون الحج أوجب من العمرة ، وقد تكلف مشقة السفر إلى مكة ، ثم رجع بغير حج ، والحج واجب على الفور .

وأما الآخر ..... .

التالي السابق


الخدمات العلمية