صفحة جزء
[ ص: 592 ] مسألة : ( ويستحب الإكثار منها ورفع الصوت بها لغير النساء ) .

وذلك لما روى السائب بن خلاد أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كن عجاجا ثجاجا " والعج التلبية ، والثج نحر البدن . رواه أحمد .

وعن أبي بكر الصديق " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأعمال أفضل ؟ " قال : العج والثج " رواه ابن ماجه ، والترمذي ولفظه : " أي الحج أفضل ؟ " وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي فديك ، وابن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع .

[ ص: 593 ] وقد رواه الطبراني من حديث محمد بن المنكدر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، عن أبيه ، عن أبي بكر .

والعج : رفع الصوت . يقال : قد عج يعج عجيجا ، ولا يكاد يقال إلا إذا تابع التصويت وأكثر منه ، وقد أمره أن يكون عجاجا ، وهو اسم لمن يكثر العجيج .

وعن خلاد بن السائب بن خلاد ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتاني جبريل ، فأمرني أن آمر أصحابي - وفي لفظ : ومن معي - أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية - وفي لفظ - : بالإهلال أو التلبية ، يريد أحدهما " . رواه [ ص: 594 ] الخمسة وابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

وعن زيد بن خالد الجهني قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءني جبريل فقال : يا محمد ، مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنها من شعائر الحج " رواه أحمد [ ص: 595 ] وابن ماجه وابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي : روى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب ، عن زيد بن خالد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح . والصحيح عن خلاد بن السائب ، عن أبيه .

وعن أبي هريرة قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني جبريل برفع الصوت في الإهلال ، فإنه من شعائر الحج " رواه أحمد .

وعن أبي حازم قال : " كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أحرموا لم يبلغوا الروحاء حتى تبح أصواتهم " .

وعن أبي بكر بن عبد الله قال : " سمعت ابن عمر يرفع صوته بالتلبية حتى [ ص: 596 ] إني لأسمع دوي صوته من الجبال " .

وعن أيوب قال : " رأيت سعيد بن جبير في المسجد يوقظ الحاج ويقول : قوموا فلبوا ، فإني سمعت ابن عباس يقول : هي زينة الحج " .

وعن إبراهيم : " أنه كان يقول : أكثروا من التلبية ، فإنها زينة الحج " رواه سعيد .

ولأن رفع الصوت . . . .

[ ص: 597 ] قال أصحابنا : ويستحب رفع الصوت بها على حسب طاقته ، ولا يتحامل في ذلك بأشد ما يقدر عليه فينقطع كالأذان .

وأما المرأة : فيستحب لها أن تسمع رفيقتها . قال أحمد - في رواية حرب - : تجهر المرأة بالتلبية ما تسمع زميلتها ; لما روى سليمان بن يسار : " أن السنة عندهم أن المرأة لا ترفع الصوت بالإهلال " رواه سعيد .

وعن عطاء أنه كان يقول : " يرفع الرجال أصواتهم بالتلبية ، فأما المرأة فإنها تسمع نفسها ولا ترفع صوتها " رواه سعيد .

وقد جاء في فضلها : ما روى سهل بن سعد قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مسلم يلبي إلا لبى من عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا " رواه الترمذي وابن ماجه .

[ ص: 598 ] وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من محرم يضحي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس ، إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه " رواه ابن ماجه .

وتستحب التلبية على كل حال ، قائما وقاعدا ومضطجعا وسائرا ونازلا وطاهرا وجنبا وحائضا ، إلى غير ذلك من الأحوال .

التالي السابق


الخدمات العلمية