صفحة جزء
مسألة :

" وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس " .

هذا أشهر الروايتين وفي الأخرى الدباغ مطهر في الجملة لما روى ابن عباس قال : تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا : إنها ميتة ، فقال : إنما حرم أكلها " .

[ ص: 123 ] رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي لم يذكرا فيه الدباغ .

وعنه أيضا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " رواه مسلم ، ووجه الأولى ما روى عبد الله بن عكيم قال : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " رواه الخمسة وقال الترمذي حديث حسن صحيح .

[ ص: 124 ] وقد استقر الحكم بعد ذلك عليه ، وقال أحمد : ما أصلح إسناده ، وفي لفظ الدارقطني " كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " وهذا ناسخ لغيره لأنه متأخر ومشعر بنهي بعد رخصة لا سيما وفي حديث ابن عباس إنما حرم أكلها ، وقد استقر الحكم بعد ذلك على تحريم الادهان بودكها ويدل على تقدمه ما روت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " ماتت شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا " ، رواه البخاري وهذا إنما يكون في أكثر من شهر ، وعن سلمة بن المحبق أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتى على بيت فراء فيه قربة معلقة فسأل الشراب فقيل [ ص: 125 ] إنها ميتة فقال : " ذكاتها دباغها " وهذا قبل وفاته بأكثر من سنة ، فلو كان رخصة أخرى بعد النهي لزم النسخ مرتين ، وقيل : الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ ؛ لأن هذا لم يعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه رخصة ولا عادة الناس الانتفاع به .

التالي السابق


الخدمات العلمية