صفحة جزء
[ ص: 417 ] مسألة : ( ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ، وبطواف القدوم إن كان مفردا ، أو قارنا ) .

وجملة ذلك أن المحرم إذا دخل المسجد فإنه لا يبتدئ بشيء قبل الطواف بالبيت هذا هو .. . الذي عليه عامة أصحابنا .

وقال ابن عقيل : يستحب أن يقدم على الطواف تحية المسجد الحرام إلا أن يكون عليه فائتة ، فيقدم الفائتة على التحية . قال : وإنما جعلنا التحية قبل الطواف ؛ لأن الدخول إلى المسجد قبل المضي ، فيبدأ بالأسبق فالأسبق .

وهذا الذي قاله : ليس بشيء فإن المسجد الحرام تحيته الطواف بالبيت ، وهي تحية البيت والمسجد .

وهذه هي السنة الماضية ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل المسجد الحرام هو وأصحابه لم يبدءوا بشيء قبل الطواف بالبيت ؛ فروى أبو الأسود : أن رجلا من أهل العراق قال : " له سل لي عروة بن الزبير عن رجل يهل بالحج ، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا ؟ فإن قال لك : لا يحل ، فقل له : إن رجلا يقول ذلك ، قال : فسألته فقال : لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج ، فقلت : فإن [ ص: 418 ] رجلا كان يقول ذلك ، فقال : بئس ما قال : فتصداني الرجل فسألني فحدثته فقال : إن رجلا كان يخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك وما شأن أسماء والزبير فعلا ذلك ، فذكرت له ذلك ، فقال : من هذا ؟ قلت : لا أدري ، قال : فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني ، أظنه عراقيا ، قلت : لا أدري ، قال : فإنه قد كذب ، قد حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ حين قدم مكة ، أنه توضأ ، ثم طاف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم عمر مثل ذلك ، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم معاوية وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ، ثم لم تكن عمرة ، ثم آخر من رأيت ابن عمر فعل ذلك ، ثم لم ينقضها بعمرة ، وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه ، ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت ، ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا يبدآن بشيء أول من الطواف بالبيت يطوفان به ثم لا يحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط ، فلما مسحوا الركن حلوا . قد كذب فيما ذكر " . أخرجاه .

[ ص: 419 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية