صفحة جزء
[ ص: 420 ] مسألة : ( ويضطبع بردائه ، فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على الأيسر ) .

الاضطباع : افتعال من الضبع وهو العضد ، ويسمى اليابطة ؛ لأنه يجعل وسط الرداء تحت الإبط ويبدئ ضبعه الأيمن .

وقيل : يبدئ ضبعاه وأصله اضتباع ، وإنما قلبت التاء طاء لمجاورة حرف الاستعلاء ، كما يقال : اضطباع ، واصطياد ، واضطرار ، واضطهاد ، والأصل في ذلك ما روي عن ابن عباس : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : اضطبع ، فكبر فاستلم وكبر ، ثم رمل ثلاثة أطواف كانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا من قريش مشوا ، ثم يطلعون عليهم يرملون ، تقول قريش : كأنهم الغزلان ) .

قال ابن عباس : فكانت سنة . رواه أبو داود .

وعن ابن عباس : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اعتمر من جعرانة ، فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ووضعوها على عواتقهم ، ثم رملوا ) . رواه أحمد ، وفي لفظ له ، ولأبي داود : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وأصحابه : [ ص: 421 ] اعتمروا من جعرانة ، فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ، ثم فذفوها على عواتهم اليسرى ) .

وعن يعلى بن أمية : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي ) . رواه الخمسة إلا النسائي ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهذا لفظ أحمد ، ولفظ أبي داود : ( طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطبعا ببرد أخضر ) ولفظ الترمذي ، وابن ماجه : ( طاف بالبيت مضطبعا وعليه برد ) لم يقل ابن ماجه : بالبيت .

فقد ذكر ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما اضطبع في عمرة القضاء ليستعينوا بذلك على الرمل ؛ ليرى المشركون قوتهم ، ثم اضطبع في عمرة الجعرانة ، وقد ذهب المشركون ، ثم اضطبع في .. . .

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : " فيم الرملان الآن والكشف عن [ ص: 422 ] المناكب وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ، ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .

فبين أن العبادة قد تشرع أولا لسبب ، ثم يزول ذلك ويجعلها الله سبحانه عبادة وقربة ؛ كما قد روي في الرمل ، والاضطباع ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار .

وأول ما يضطبع إذا أراد أن يستلم الحجر قبل أن يستلم فيما ذكره كثير من أصحابنا وهو معنى كلام المصنف ، وهو ظاهر حديث ابن عباس المتقدم .

وقال أحمد - في رواية المروذي - : يضطبع بعد أن يستلم الحجر ؛ لأن الاضطباع إنما يكون .. . .

ويضطبع في جميع الأشواط السبعة ، فإذا قضى طوافه سوى ثيابه ، ولم يضطبع في ركعتي الطواف ؛ لأن الاضطباع في الصلاة مكروه ، هكذا قال [ ص: 423 ] القاضي وابن عقيل وغيرهما .

وقال أبو بكر الأثرم : إنما يضطبع في الأشواط الثلاثة التي يرمل فيها ؛ لأن الاضطباع إنما هو معونة على الرمل ، وإنما فعل تبعا له ، فإذا لم يرمل : لم يضطبع .

فأما الاضطباع في السعي : فقال أحمد : ما سمعت فيه شيئا ، قال أصحابنا .. . .

التالي السابق


الخدمات العلمية