صفحة جزء
فصل

وأما الحجر الأسود ، واستلامه ، وتقبيله ، ومعنى ذلك فقد روى ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يأتي هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ، ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق ) . رواه الخمسة إلا أبا داود وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن .

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن ، فسودته خطايا بني آدم ) . رواه أحمد والترمذي [ ص: 434 ] وقال : حديث حسن صحيح ، وللنسائي منه : ( الحجر الأسود من الجنة ) .

وعن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ، ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب ) . رواه أحمد في المناسك ، والترمذي وقال : حديث غريب ، قال : ويروى موقوفا عن عبد الله بن عمرو قوله .

وقد رواه الأزرقي وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو ، وروي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : ( ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام ، فإنهما جوهرتان من جواهر الجنة ، ولولا ما مسهما من أهل الشرك : ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله عز وجل ) .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من فاوضه - يعني الركن [ ص: 435 ] الأسود - فإنما يفاوض يد الرحمن ) . رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن عياش .

وعن ابن عباس قال : ( إن هذا الركن الأسود يمين الله عز وجل في الأرض يصافح بها عباده مصافحة الرجل أخاه ) . رواه محمد بن أبي عمر السعدني ، والأزرقي بإسناد صحيح .

وعن ابن عباس - أيضا - قال : ( الركن يمين الله في الأرض يصافح بها خلقه ، والذي نفس ابن عباس بيده ما من امرئ مسلم يسأل الله عنده شيئا إلا [ ص: 436 ] أعطاه إياه ) . رواه الأزرقي ، والطبراني بطريقين مختلفين . وروى الأزرقي عن عكرمة قال : ( إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، فمن لم يدرك بيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح الركن فقد بايع الله ورسوله ) .

وروى الأزرقي عن محمد بن أبي عمر السعدني ، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : ( خرجنا مع عمر - رضي الله عنه - إلى مكة فلما دخلنا الطواف قام عند الحجر ، وقال : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبلتك ) . ثم قبله ؛ يعني في الطواف ، فقال له علي : ( بلى يا أمير المؤمنين ، هو يضر وينفع ، قال : وأين ذلك ؟ قال : في كتاب الله ، قال : وأين [ ص: 437 ] ذلك من كتاب الله عز وجل ؟ قال : قال الله عز وجل : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) قال : فلما خلق عز وجل آدم - عليه السلام - مسح ظهره فأخرج ذريته من صلبه ، فقررهم أنه الرب وهم العبيد ، ثم كتب ميثاقهم في رق ، وكان هذا الحجر له عينان ولسان ، فقال له : افتح فاك فألقمه ذلك الرق ، وجعله في هذا الموضع وقال : تشهد لمن وافاك : بالموافاة يوم القيامة ، قال : فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية