صفحة جزء
مسألة :

" وما لا نفس له سائلة إذا لم يكن متولدا من النجاسات " .

النفس هي دمه ، ومنه سميت النفساء لجريان نفسها يقال نفست المرأة إذا حاضت ونفست إذا ولدت ، ومنه قول الشاعر :


تسيل على حد الظبات نفوسها وليس على غير الظبات تسيل

وهو قسمان : أحدهما : المتولد من النجاسة مثل صراصير الكنيف فهو نجس حيا وميتا ؛ لأنه متولد من نجس ، فكان نجسا كالكلب ، والثاني ما هو متولد من طاهر كالذباب والبق والعقرب والقمل والبراغيث والديدان والسرطان ، سواء لم يكن له دم أو كان له دم غير مسفوح ، فهذا لا ينجس بالموت ولا ينجس المائع إذا وقع فيه ، لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه [ ص: 136 ] فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء " رواه البخاري .

فأمر بغمسه مع علمه بأنه يموت بالغمس غالبا ، لا سيما في الأشياء الحارة . فلو كان ينجس الشراب لم يأمر بإفساده ، وقد روى الدارقطني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوءه " وقد روي عن عمر ، ومعاذ ، وأبي الدرداء وابن مسعود ، وأبي أمامة أنهم كانوا يقتلون القمل في الصلاة ، ومنهم من كان يدفنه في المسجد ولو كان نجسا لصانوا صلاتهم عن حمل النجاسة ، ومسجدهم عن دفن النجاسة فيه ؛ ولأنه ليس له دم سائل فأشبه دود الخل والباقلا .

فصل :

إذا مات في الماء ما يشك فيه هل له نفس سائلة فهو طاهر في أظهر الوجهين . فأما الوزغ فهو نجس في المنصوص من الوجهين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية