صفحة جزء
مسألة : ( يرمل في الثلاثة الأول من الحجر إلى الحجر ويمشي في الأربعة ) .

الأصل في ذلك : ما روي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم ( إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ، ومشى أربعا ، وكان يسعى ببطن الوادي إذا طاف بين الصفا والمروة ) . وفي رواية ( رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم من [ ص: 440 ] الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا ) وفي رواية : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف في الحج ، أو العمرة - أول ما يقدم - فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة ) . متفق عليهن ، وقد تقدم مثل ذلك في حديث جابر في صفة حجة الوداع ، وهي آخر نسك فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية : ( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف ) . رواه مسلم .

وأصل ذلك : ما روى ابن عباس قال : ( قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يثرب ، وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا الأشواط الثلاثة ، وأن يمشوا ما بين الركنين ، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم ) . متفق عليه . وهذا لفظ البخاري .

ولفظ مسلم : ( لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب قال المشركون : إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى ، ولقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر ، وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثة أشواط ، [ ص: 441 ] ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم ، فقال المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم ، هؤلاء : أجلد من كذا وكذا . قال ابن عباس : ( ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم ) وفي رواية عنه : ( إنما رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليري المشركين قوته ) . متفق عليه .

فكان أول الرمل هذا ، ولذلك لم يرملوا بين الركنين اليمانيين ؛ لأن المشركين كانوا من ناحية الحجر عند قعيقعان لم يكونوا يرون من بين الركنين .

وكان هذا في عمرة القضية ، ثم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عمرة الجعرانة ومكة دار إسلام ، ثم حج حجة الوداع ، وقد نفى الله الشرك وأهله ، ورمل من الحجر إلى الحجر فكان هذا آخر الأمرين منه . فعلم أن الرمل صار سنة .

عن ابن عباس قال : ( رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته وفي عمره كلها ، وأبو بكر وعمر ، والخلفاء ) . رواه أحمد ، وقد رواه أبو داود في مراسيله عن [ ص: 442 ] عطاء : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعى في عمره كلها بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - والخلفاء هلم جرا يسعون كذلك ) قال : وقد أسند هذا الحديث ، وهذا الصحيح .

وعن عمر : أنه قال : ( ما لنا وللرمل وإنما راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله ، ثم قال : هي صنيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه ) . رواه البخاري ، وابن ماجه ، وقد تقدم عنه ، وعن ابن عباس في الاضطباع نحو ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية