صفحة جزء
مسألة : ( ثم يقصر من شعره إن كان معتمرا ، وقد حل إلا المتمتع إن كان معه هدي ، والقارن والمفرد فإنه لا يحل ) .

وجملة ذلك أنه إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد جاز أن يحل من إحرامه ما لم يكن معه هدي ، سواء كان قد أحرم بعمرة ، أو بحج ، أو بعمرة وحج كما تقدم ، وكما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته في حجة الوداع ; لكن إن أحب المفرد والقارن أن يبقيا على إحرامهما فلهما ذلك كما تقدم .

[ ص: 467 ] ومعنى قول الشيخ : إلا المتمتع السائق والمفرد والقارن ، يعني لا يقصرون ولا يحلون ; لكن من ساق الهدي فلا يحل له الإحلال ، والمفرد والقارن لا يجب عليهما الإحلال ، ويجوز أن يكون معنى كلامه : أنه ما دام ناويا للإفراد والقران لم يجز له الإحلال ، وإنما يجوز له الإحلال إذا نوى الإحلال بعمرة وفسخ نية الحج ، وحينئذ لا يصير مفردا ولا قارنا .

وأما المحرم بعمرة فإن لم يكن متمتعا بأن يكون قد أحرم بها قبل أشهر الحج أو في أشهر الحج وهو لا يريد الحج من عامه فهذا يحل إحلالا تاما ; فيحلق شعره ، وينحر هديه عند المروة وغيرها من بقاع مكة ، وإن قصر جاز كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة القضية ، وعمرة الجعرانة .

وقول الشيخ : ثم يقصر من شعره ، على هذا إما أن يكون أراد به بيان أدنى ما يتحلل به ، أو ذكر التقصير لما اشتمل كلامه على المعتمر متمتعا كان أو مفردا لعمرته .

وأما المعتمر عمرة التمتع إذا لم يكن قد ساق الهدي ، فإنه يحل إحلالا تاما سواء كان قد نوى التمتع في أول إحرامه ، أو في أثنائه ، أو طاف للقدوم وسعى ، ثم بدا له التمتع ; لكن يستحب أن يقصر من شعره ، ويؤخر الحلاق إلى إحلاله من الحج ، فيكون قد قصر في عمرته وحلق في حجته ، ولو حلق أولا لم يمكنه في الحج حلق ، ولا تقصير ، وبذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فعن جابر بن عبد الله : " أنه حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه ، وقد أهلوا بالحج مفردا ، فقال لهم : أحلوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج ، واجعلوا التي قدمتم بها متعة ، فقالوا : كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج ، فقال : افعلوا ما أمرتكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم ، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ، ففعلوا .

وعن ابن عمر وعائشة : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس : من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ، ومن لم يكن [ ص: 468 ] منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ، ثم ليهل بالحج وليهد ، ... الحديث " متفق عليهما .

وقد تقدمت الأحاديث أنه أمرهم أن يحلوا الحل كله ، وأنهم لبسوا الثياب ، وأتوا النساء .

ولو حلق جاز ، وقد روى يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس قال : " أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة ، ولم يقصر ولم يحل من أجل الهدي ، وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى ويقصر أو يحلق " رواه أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية