صفحة جزء
مسألة : ( فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء قبل حط الرحال ، يجمع بينهما ) .

[ ص: 514 ] قال أبو عبد الله - في رواية المروذي - : فإذا انتهيت إلى مزدلفة وهي جمع فاجمع بين المغرب والعشاء ، كل صلاة بإقامة ، ولا بأس إن صليتهما مع الإمام فهو أفضل ، وقل : اللهم هذه جمع ، فأسألك أن توفقني فيها لجوامع الخير كله ، فإنه لا يقدر على ذلك إلا أنت ، رب المشعر الحرام ، ورب الحرمات العظام ، أسألك أن تبلغ روح محمد - صلى الله عليه وسلم - عني السلام ، وتصلح لي نيتي ، وتشرح لي صدري ، وتطهر لي قلبي ، وتصلحني صلاح الدنيا والآخرة .

والجمع بين الصلاتين بمزدلفة من السنة المتواترة التي توارثتها الأمة ، قال جابر بن عبد الله في حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح " . رواه مسلم .

وعن أبي أيوب : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع - في حجة الوداع - المغرب والعشاء بمزدلفة " . متفق عليه .

وعن أسامة بن زيد قال : ردفت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفات ، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ ، قال : ثم جاء فصببت عليه الوضوء ، فتوضأ وضوءا خفيفا ، فقلت : الصلاة يا رسول الله ، قال : [ ص: 515 ] الصلاة أمامك ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى المزدلفة ، فصلى ، ثم أردف الفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة جمع ، قال كريب : فأخبرني عبد الله بن عباس ، عن الفضل : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة " . متفق عليه ، وفي رواية : " دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة ، فنزل الشعب بال ثم توضأ ، ولم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، قال : الصلاة أمامك ، فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى ، ولم يصل بينهما " . متفق عليه .

وهذا الجمع مسنون لكل حاج من المكيين وغيرهم ، وقد جاء ذلك منصوصا ، قال عبد الله بن مسعود : " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا ، [ ص: 516 ] وصلاة الفجر هذه الساعة " . رواه البخاري .

وهذا حكم عام ، وتعليل عام ، وبيان أن العلة ليست مجرد السفر ، كما لم يكن هو المؤثر في تقديم الفجر ، وإنما ذاك لأجل الدفع من عرفات ، فأما على قول ... ، فإن صلى المغرب قبل أن يصل إلى المزدلفة أجزأه .

قال أبو الحارث : قلت لأحمد : فإن صلى المغرب بعرفة ، أو في الطريق ؟ قال : إن وصل إلى جمع أرجو أن يجزئه ، والسنة أن يصلي المغرب بجمع .

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب بجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية