صفحة جزء
مسألة :

" ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها " ويجوز ذلك في البنيان " .

هذا هو المنصور عند الأصحاب . وأنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء دون البنيان وعنه يحرم فيهما اختاره أبو بكر لما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا جلس أحدكم لحاجته فلا [ ص: 149 ] يستقبل القبلة ولا يستدبرها " . رواه أحمد ومسلم .

وعن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا ، قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله . متفق عليه ، وعنه يحرم الاستقبال فيهما دون الاستدبار ؛ لما روى ابن عمر قال : " رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة " متفق عليه ، فهذا يبيح الاستدبار فيبقى الاستقبال على ظاهر النهي .

ووجه الأول حديث ابن عمر المذكور ، وعن عراك بن مالك أن عائشة قالت : ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا كرهوا أن يستقبلوا القبلة بفروجهم " فقال أوقد فعلوها حولوا مقعدتي قبل القبلة " ، رواه أحمد وابن ماجه . وروى أبو داود عن مروان الأصفر قال رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن [ ص: 150 ] هذا ؟ قال : إنما هذا في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس .

وعلى هذا يحمل ما روى جابر قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي ، وقال : حديث حسن غريب ، وقال البخاري : هذا حديث حسن صحيح ، وقد قيل في وجه الفرق أن كشف العورة محظور في الأصل ، وإنما يباح لحاجة ، فإذا لم يكن بين يديه أو قريبا منه شيء يستره كان أفحش ، وجهة القبلة أشرف الجهات فصينت عنه ، وعلى هذا نقول : إن الجلوس في الصحراء في وهد أو وراء جدار أو بعير كما بين البنيان ، وإن الجلوس على سطوح الوديان ولا سترة لها كالفضاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية