صفحة جزء
فصل :

والاستنجاء واجب لكل خارج من السبيلين ، فلو صلى بدونه لم تصح الصلاة ؛ لما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : [ ص: 161 ] " إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير : أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " رواه الجماعة ، سواء كان الخارج نادرا أو معتادا رطبا أو يابسا كالروث ، والبول ، والدود ، والحصى والمذي ؛ ولأن خروج الخارج من هذا المحل مظنة استصحاب الرطوبة النجسة فعلق الحكم به ، وإن تخلفت عن الحكم في آحاد الصور .

وقال كذلك : اعتبر العدد ، وإن زالت الرطوبة بدونه إلا الريح فإن الإمام أحمد قال : " ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا سنة رسوله ، إنما عليه الوضوء " .

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم " من استنجى من الريح فليس منا " ، رواه الطبراني وأبو حفص العكبري ؛ ولأن الريح ليس لها جرم [ ص: 162 ] لاصق يزال ، ولا هي مظنة استجلاب رطوبة يمكن إزالتها ، وأما الخارج الطاهر فيجب الاستنجاء منه في المشهور كما يجب من يسير الدم والقيح وإن عفي عنه في غير هذا الموضع ؛ لأن خروجه من السبيل يورث تغليظا ؛ ولأن الاستنجاء من المني فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الدوام ولا أعلم إخلالهم به بحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية