صفحة جزء
[ ص: 166 ] " باب الوضوء "

مسألة :

" لا يصح الوضوء ولا غيره من العبادات إلا أن ينويه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " .

يعني أن يقصد بغسل الأعضاء رفع حدثه ، وهو المانع مما تشترط له الطهارة بقصد أو استباحة عبادة لا تستباح إلا بالوضوء ، وهي الصلاة والطواف ومس المصحف ، فأما إن غسل أعضاءه ليبردها بالماء أو يزيل عنها نجاسة أو ليعلم غيره لم يرفع حدثه ، وكذلك النية تشترط في الغسل والتيمم ؛ لما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " . رواه الجماعة .

ولأنها عبادة مأمور بها فافتقرت إلى نية كسائر العبادات فإنه يجب عليه أن ينوي العبادة المأمور بها وأن يخلصها لله ؛ لقوله : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) . ولا يقال : هي شرط للصلاة فأشبهت طهارة الخبث والاستتار والاستقبال ؛ لأن الوضوء عبادة في نفسه ، وشرط للصلاة ؛ ولأن إزالة النجاسة من باب المتروك ؛ ولهذا لا يحتاج إلى عمل أصلا بخلاف طهارة الحدث ولذلك اختصت بالماء . وأما الاستقبال والاستتار فإنهما يوجدان في جميع الصلاة مثل وجودهما قبلها ، فنية الصلاة تنتظمهما بخلاف التوضؤ .

ولذلك إذا حلف لا يتطهر وهو متطهر لم يحنث بالاستدامة ، وإذا حلف لا يستتر ، وهو مستتر ، ولا يستقبل القبلة وهو مستقبلها ؛ فاستدام ذلك حنث .

التالي السابق


الخدمات العلمية