صفحة جزء
مسألة :

" ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا يجمع بينهما بغرفة واحدة أو ثلاث " .

لأن الذين وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك فيه ، والسنة أن يتمضمض ويستنشق بيمينه ويستنثر بشماله وأن يقدمهما على ظاهر الوجه ؛ للسنة المستفيضة بذلك ؛ ولأن تقديم الباطن أولى ؛ لئلا يخرج منه أذى بعد غسل الظاهر فيلوثه ، وأن يقدم المضمضة للسنة ؛ ولأن الفم أشرف وأحق بالتطهير ، وهو أشبه بالباطن ، وقوله : يجمع بينهما أي الجمع بين المضمضة والاستنشاق بماء واحد أفضل من أن يفصل كل واحد بماء ؛ لأن في حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم " أنه تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات " وفي لفظ " تمضمض واستنشق من كف واحد فعل ذلك ثلاثا " متفق عليهما . وفي لفظ " تمضمض واستنثر ثلاثا من غرفة واحدة " رواه البخاري . وكذلك في حديث ابن عباس وعثمان وغيرهما وهذه الأحاديث أكثر وأصح من أحاديث الفصل ؛ ولأن هذا يحصل معه الإسباغ مع الرفق من غير سرف ؛ ثم إن شاء تمضمض واستنشق الثلاث بغرفة واحدة إن أمكنه أن يسبغ بها وإن شاء بثلاث غرفات ؛ لأن الحديث جاء بهما ، وإن فعل المضمضة بماء والاستنشاق بماء [ ص: 177 ] جاز ؛ لأنه قد جاء في الأحاديث إما بغرفتين أو ست غرفات ، وإذا جمعهما بماء واحد في غرفة واحدة أو فصلهما بماءين في ست غرفات كمل ، وصفته المضمضة أولا ثم الاستنشاق في أحد الوجهين كما لو فرقهما بغرفتين ، وفي الآخر يتمضمض ثم يستنشق ثم يتمضمض ثم يستنشق كما لو جمعهما بثلاث غرفات ، ( ويحتمل أن تكمل المضمضة في الست وفي الأخرى يتمضمض ويستنشق إلحاقا لكل واحد بجنسه ) . وقد روى عبد الله بن أحمد في المسند عن علي " أنه تمضمض ثلاثا ثم استنشق ثلاثا بكف كف ، وقال : أحببت أن أريكم كيف كان طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم "

التالي السابق


الخدمات العلمية