صفحة جزء
فصل :

ويكره تنشيف أعضائه في الوضوء والغسل في إحدى الروايتين ما لم يخف ضررا من برد وغيره ؛ لأن ميمونة لما وضعت غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت فأتيته بالمنديل فلم يردها ، وجعل ينفض الماء بيده . رواه الجماعة ؛ ولأنه أثر عبادة لا يخاف ضرره أو لا يستحب إزالته فكرهت [ ص: 215 ] كدم الشهيد ، وخلوف فم الصائم ، وطرده التراب بجبهة الساجد ، والرواية الأخرى لا يكره ولا يستحب ، وهي أصح ؛ لما روى قيس بن سعد قال : زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فأمر له سعد بغسل فوضع له " فاغتسل ثم ناولته ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشتمل بها " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .

وعن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه " . رواه ابن ماجه ؛ ولأن هذا الأثر لم يرد الشرع باستطابته فأشبه غبار القدمين في سبيل الله ، وبهذا ينقض قياسهم ، وأصل قياسهم عكس علتنا . وأما نفض يده فكرهه القاضي وأصحابه .

[ ص: 216 ] لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم " . وقال طائفة من أصحابنا : لا يكره كالتنشيف لحديث ميمونة المتقدم ، ويباح معاونته في الوضوء باستقاء الماء وحمله وصبه عليه ، والأفضل أن يلي هو ذلك بنفسه ، فأما إن استناب غيره في فعل الوضوء بأن نوى وغسل الغير أعضاءه فإنه يكره ويجزئه كما لو نوى ووقف تحت ميزاب وأنبوب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية