صفحة جزء
فصل قد أكثر المصنف من الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ونص هو في كتابه اللمع وغيره من أصحابنا على أنه لا يجوز الاحتجاج به هكذا ، وسببه : أنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، فجده الأدنى محمد تابعي ، والأعلى عبد الله صحابي ، فإن أراد بجده الأدنى وهو محمد فهو مرسل ، لا يحتج به . وإن أراد عبد الله كان متصلا ، واحتج به . فإذا أطلق ولم [ ص: 107 ] يبين احتمل الأمرين ، فلا يحتج به ، وعمرو وشعيب ومحمد ثقات وثبت سماع شعيب من محمد ومن عبد الله ، هذا هو الصواب الذي قاله المحققون والجماهير .

وذكر أبو حاتم بن حبان ( بكسر الحاء ) أن شعيبا لم يلق عبد الله ، وأبطل الدارقطني وغيره ذلك ، وأثبتوا سماع شعيب من عبد الله وبينوه .

فإذا عرف هذا فقد اختلف العلماء في الاحتجاج بروايته هكذا ، فمنعه طائفة من المحدثين كما منعه المصنف وغيره من أصحابنا ، وذهب أكثر المحدثين إلى صحة الاحتجاج به وهو الصحيح المختار . روى الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري بإسناده عن البخاري أنه سئل أيحتج به ؟ فقال : رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ما تركه أحد من المسلمين ، وذكر غير عبد الغني هذه الحكاية ، ثم قال : قال البخاري : من الناس بعدهم ، وحكى الحسن بن سفيان عن إسحاق بن راهويه قال : عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كأيوب عن نافع عن ابن عمر ، وهذا التشبيه نهاية الجلالة من مثل إسحاق - رحمه الله - فاختار المصنف في اللمع طريقة أصحابنا في منع الاحتجاج به .

وترجح عنده في حال تصنيف المهذب جواز الاحتجاج به ، كما قال المحققون من أهل الحديث والأكثرون ، وهم أهل هذا الفن وعنهم يؤخذ ، ويكفي فيه ما ذكرناه عن إمام المحدثين البخاري ، ودليله : أن ظاهره الجد الأشهر المعروف بالرواية وهو عبد الله

التالي السابق


الخدمات العلمية