صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( : إذا حاضت المرأة حرم عليها الطهارة ; لأن الحيض يوجب الطهارة ، وما أوجب الطهارة منع صحتها كخروج البول ) .


( الشرح ) هذه المسألة عدها جماعات من مشكلات المهذب ; لكونه صرح بتحريم الطهارة ، والطهارة إفاضة الماء على الأعضاء ، وليس إفاضة الماء محرمة عليها مع أنها يستحب لها أنواع كثيرة من الطهارة كغسل الإحرام وغيره ، وقد وافق الشاشي المصنف في العبارة فقال في المعتمد : يحرم عليها الطهارة . والذي قاله جمهور الأصحاب : لا تصح طهارتها ، وذكر صاحب البيان في كتابه مشكلات المهذب : أن لكلام المصنف تأويلين ، ( أحدهما ) ( قال ) وهو الأظهر : إن معنى حرم عليها الطهارة أي لم تصح طهارتها وتعليله يقتضيه ، ( والثاني ) : مراده إذا قصدت الطهارة تعبدا مع علمها بأنها لا تصح [ ص: 383 ] فتأثم بهذا ; لأنها متلاعبة بالعبادة ، فأما إمرار الماء عليها بغير قصد العبادة فلا تأثم به بلا خلاف . وهذا كما أن الحائض إذا أمسكت عن الطعام بقصد الصوم أثمت ، وإن أمسكت بلا قصد لم تأثم . وهذا التأويل الثاني هو الصحيح ، كما يحرم على المحدث فعل الصلاة وإن كانت لا تصح منه . قال إمام الحرمين وجماعة من الخراسانيين : لا يصح غسل الحائض إلا على قول بعيد : أن الحائض تقرأ القرآن ، فعلى هذا لو أجنبت ثم حاضت لم يجز لها القراءة ، فلو اغتسلت صح غسلها وقرأت ، وقد سبق بيان هذا في باب ما يوجب الغسل .

( فرع ) هذا الذي ذكرناه من أنه لا تصح طهارة حائض ، هو في طهارة لرفع حدث سواء كانت وضوءا أو غسلا ، وأما الطهارة المسنونة للنظافة كالغسل للإحرام والوقوف ورمي الجمرة فمسنونة للحائض بلا خلاف . صرح بذلك أصحابنا وصرح به المصنف أيضا في أول باب الإحرام ، ويدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت : { اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي } رواه البخاري ومسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية