صفحة جزء
قال المصنف : رحمه الله تعالى ( ويحرم حمل المصحف ومسه لقوله تعالى : { لا يمسه إلا المطهرون } ويحرم اللبث في المسجد لقوله : صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض } فأما العبور فيه ، فإنها إذا استوثقت من نفسها بالشد واللجم جاز ; لأنه حدث يمنع اللبث فلا يمنع كالجنابة ) .


( الشرح ) يحرم على الحائض والنفساء مس المصحف وحمله واللبث في المسجد وكل هذا متفق عليه عندنا ، وتقدمت أدلته وفروعه الكثيرة مبسوطة في باب ما يوجب الغسل . والحديث المذكور رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما من رواية عائشة ، رضي الله عنها وإسناده غير قوي ، وسبق بيانه هناك ، [ ص: 389 ] وأما عبورها بغير لبث فقال الشافعي رضي الله عنه في المختصر : أكره ممر الحائض في المسجد ، قال أصحابنا : إن خافت تلويثه ; لعدم الاستيثاق بالشد أو لغلبة الدم حرم العبور بلا خلاف . وإن أمنت ذلك فوجهان الصحيح منهما : جوازه وهو قول ابن سريج وأبي إسحاق المروزي ، وبه قطع المصنف والبندنيجي وكثيرون . وصححه جمهور الباقين كالجنب وكمن على بدنه نجاسة لا يخاف تلويثه ، وانفرد إمام الحرمين فصحح تحريم العبور ، وإن أمنت لغلظ حدثها بخلاف الجنب ، والمذهب الأول .

هذا حكم عبورها قبل انقطاع الحيض ، فإذا انقطع ولم تغتسل فالمذهب القطع بجواز عبورها في المسجد ، وطرد صاحب الحاوي وإمام الحرمين فيه الوجهين .

والحائض الذمية كالمسلمة فتمنع من المكث في المسجد بلا خلاف ، بخلاف الكافر الجنب ، فإن في تمكينه من المكث فيه وجهين مشهورين . قال الشيخ أبو محمد الجويني في كتابه الفروق في مسائل شروط الصلاة : والفرق أن المنع لخوف التلويث ، والكافرة كالمسلمة في هذا . قال أصحابنا : والمستحاضة وسلس البول ومن به جرح سائل ونحوهم إن خافوا التلويث حرم العبور ، وقد سبق هذا في آخر باب ما يوجب الغسل والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية