صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما مني غير الآدمي ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) : الجميع طاهر إلا مني الكلب والخنزير ; لأنه خارج من حيوان طاهر يخلق منه مثل أصله فكان طاهرا كالبيض ومني الآدمي ( والثاني ) : الجميع نجس ; لأنه من فضول الطعام المستحيل ، وإنما حكم بطهارته من الآدمي لحرمته وكرامته ، وهذا لا يوجد في غيره ( والثالث ) : ما أكل لحمه فمنيه طاهر كلبنه ، وما لا يؤكل لحمه فمنيه نجس كلبنه ) .


( الشرح ) : هذه الأوجه مشهورة ودلائلها ظاهرة ، والأصح طهارة الجميع غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما ، وممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد والبندنيجي وابن الصباغ والشاشي وغيرهم .

وأشار المصنف في التنبيه إلى ترجيحه وصحح الرافعي النجاسة مطلقا ، والمذهب الأول . أما مني الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما ، فإنه نجس بلا خلاف ، كما صرح به المصنف .

( فرع ) البيض من مأكول اللحم طاهر بالإجماع ، ومن غيره فيه وجهان كمنيه الأصح الطهارة .

وقد أشار المصنف في تعليله الوجه الأول إلى القطع بهذا قال أصحابنا : ويجري الوجهان في بزر القز ; لأنه أصل الدود كالبيض . وأما دود القز فطاهر بلا خلاف ، وثبت في صحيح مسلم عن [ ص: 575 ] أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المسك أطيب الطيب } وفي الصحيحين { أن وبيص الطيب كان يرى من مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم } وفي فأرة المسك المنفصلة في حال حياة الظبية وجهان .

( أصحهما ) : الطهارة كالجنين ( والثاني ) : النجاسة كسائر الفضلات والأجزاء المنفصلة في الحياة فإن انفصلت بعد موتها فنجسة على المذهب كاللبن ، وقيل طاهرة كالبيض المتصلب ، حكاه الرافعي .

( فرع ) : البيضة الطاهرة إذا استحالت دما ففي نجاستها وجهان ( الأصح ) النجاسة كسائر الدماء ( والثاني ) : الطهارة كاللحم وغيره من الأطعمة إذا تغيرت ، ولو صارت مدرة ، وهي التي اختلط بياضها بصفرتها فطاهر بلا خلاف ، صرح به صاحب التتمة وغيره ، وكذا اللحم إذا خنز وأنتن فطاهر على المذهب ، وفيه وجه أنه نجس ، حكاه الشاشي وصاحب البيان في باب الأطعمة ، وهو شاذ ضعيف جدا .

( فرع ) هل يحل أكل المني الطاهر ؟ فيه وجهان ؟ الصحيح المشهور أنه لا يحل ; لأنه مستخبث قال تعالى : { ويحرم عليهم الخبائث } والثاني يجوز ، وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي ; لأنه طاهر لا ضرر فيه .

وسنبسط الكلام فيه وفي المخاط وأشباهه في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى .

وإذا قلنا بطهارة بيض ما لا يؤكل لحمه جاز أكله بلا خلاف ; لأنه غير مستقذر ، وهل يجب غسل ظاهر البيض إذا وقع على موضع طاهر ؟ فيه وجهان حكاهما البغوي وصاحب البيان وغيرهما بناء على أن رطوبة الفرج طاهرة أم نجسة ، وقطع ابن الصباغ في فتاويه بأنه لا يجب غسله ، وقال : الولد إذا خرج طاهر لا يجب غسله بإجماع المسلمين وكذا البيض ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية