صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما العلقة ففيها وجهان ، قال أبو إسحاق : هي نجسة ; لأنه دم خارج من الرحم فهو كالحيض ، وقال أبو بكر الصيرفي : هي طاهرة ; لأنه دم غير مسفوح ، فهو كالكبد والطحال ) .


[ ص: 578 ] الشرح ) العلقة هي المني إذا استحال في الرحم فصار دما عبيطا ; فإذا استحال بعده فصار قطعة لحم فهو مضغة ، وهذان الوجهان في العلقة مشهوران ، ودليلهما ما ذكره المصنف ; أصحهما الطهارة ، ونقله الشيخ أبو حامد عن الصيرفي وعامة الأصحاب ، وصرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد والمحاملي والرافعي في المحرر وآخرون ، وأما المضغة فالمذهب القطع بطهارتها كالولد ، وبهذا قطع الأكثرون ونقل القاضي حسين وصاحب العدة والبيان فيها وجهين ; وكذا وقع في كثير من نسخ الوسيط وأنكروه عليه ، ولا يصح إنكار من أنكر ذلك ، ونسبته إلى الانفراد بنقل وجه في نجاسة المضغة ، فإن الوجه نقله غيره ممن ذكرناه .

وقوله : مسفوح أي سائل ، وقوله : كالكبد هي بفتح الكاف وكسر الباء ، ويجوز إسكان الباء مع فتح الكاف وكسرها كما سبق في نظائرها ، والطحال بكسر الطاء ، وإنما قاس على الكبد والطحال ; لأنهما طاهران بالإجماع ، والأحاديث الصحيحة مشهورة في { أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الكبد } ; وللحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { أحلت لنا ميتتان ودمان فالميتتان : السمك والجراد ، والدمان الكبد والطحال } قال البيهقي : روي هكذا عن ابن عمر ; وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولكن الرواية الأولى هي الصحيحة وهي في معنى المرفوع ( قلت ) ويحصل الاستدلال بها ; لأنها مرفوعة أيضا ، فإنها كقول الصحابي : أمرنا بكذا ونهينا عن كذا ; وهذا عند أصحابنا وعند المحدثين وجمهور الأصوليين والفقهاء في حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحا كما سبق بيانه في مقدمة الكتاب ، وأما أبو بكر الصيرفي فهذا أول موضع جرى فيه ذكره في الكتاب وهو أبو بكر محمد بن عبد الله كان إماما بارعا متقنا صاحب مصنفات كثيرة في الأصول وغيره . قال الخطيب البغدادي : توفي لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثمائة رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية