صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما الخنزير فنجس ; لأنه أسوأ حالا من الكلب ; لأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه ومنصوص على تحريمه فإذا كان الكلب نجسا فالخنزير أولى ، وأما ما تولد منهما أو من أحدهما فنجس ; لأنه مخلوق من نجس فكان مثله ) .


( الشرح ) نقل ابن المنذر في كتاب الإجماع إجماع العلماء على نجاسة الخنزير وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع ، ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير ما دام حيا وأما ما احتج به المصنف فكذا احتج به غيره ولا دلالة فيه وليس لنا دليل واضح على نجاسة الخنزير في حياته ، وقوله : مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه احتراز من الحية والعقرب والحدأة وسائر الفواسق الخمس وما في معناها فإنها طاهرة وإن كان مندوبا إلى قتلها لكن لضررها ، وأما قوله : إن المتولد منهما أو من أحدهما حيوان طاهر من نجس ، فهو متفق عليه عندنا .

ولو ارتضع جدي من كلبة ونبت لحمه على لبنها ففي نجاسته وجهان أصحهما ليس بنجس وقد سبقا في أول الباب ، وقوله : لأنه مخلوق من نجس فكان مثله ينقض بالدود المتولد من الميتة ومن السرجين [ ص: 587 ] فإنه طاهر على المذهب وبه قطع الجمهور كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى وكان ينبغي أن يقول : لأنه مخلوق من حيوان نجس ليحترز عما ذكرناه فإن الميتة لا تسمى حيوانا ، وقد يمنع هذا الاعتراض ويقال : الدود لا يخلق من نفس الميتة ونفس السرجين ، وإنما يتولد فيها كدود الخل لا يخلق من نفس الخل بل يتولد فيه ، وقد أجاب القاضي أبو الطيب بهذا الجواب عن نحو هذا الاعتراض في مسألة طهارة المني والله أعلم .

وأما باقي الحيوانات غير الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما فهي طاهرة كلها وسيأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى في مسائل الفرع .

التالي السابق


الخدمات العلمية