صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن دخل في الصلاة ثم بلغ في أثنائها قال الشافعي رحمه الله : ( أحببت أن يتم ويعيد ولا يبين لي أن عليه الإعادة ) قال أبو إسحاق يلزمه الإتمام ويستحب له أن يعيد ، وقوله ( أحببت ) يرجع إلى الجمع بين الإتمام والإعادة وهو الظاهر من المنصوص ، والدليل عليه أن صلاته صحيحة ، وقد أدركه الوجوب وهو فيها فلزمه الإتمام ، ولا يلزمه أن يعيد ; لأنه صلى الواجب بشروطه فلا يلزمه الإعادة وعلى هذا لو صلى في أول الوقت ثم بلغ في آخره أجزأه ذلك عن الفرض ; لأنه صلى صلاة الوقت بشروطها فلا يلزمه الإعادة . وحكي عن أبي العباس بن سريج مثل قول أبي إسحاق وحكي عنه أنه قال : يستحب الإتمام وتجب الإعادة فعلى هذا لو صلى في أول الوقت وبلغ في آخره لزمه أن يعيد ; لأن ما صلى قبل البلوغ نفل فاستحب إتمامه فيلزمه أن يعيد ; لأنه أدرك وقت الفرض ولم يأت به ، فيلزمه أن يأتي به ، ومن أصحابنا من قال : إن خرج منها ثم بلغ ولم يبق من وقتها ما يمكن قضاؤها فيه لم تلزمه الإعادة ، وإن بقي من وقتها ما يمكنه القضاء فيه لزمه ، وهذا غير صحيح ; لأنه لو وجبت الإعادة إذا بقي من الوقت قدر الصلاة لوجبت الإعادة إذا أدرك مقدار ركعة ) .


[ ص: 14 ] الشرح ) حاصل ما ذكره مسألتان ( إحداهما ) إذا بلغ في أثناء الصلاة بالسن فثلاثة أوجه ، الصحيح الذي عليه الجمهور - وهو ظاهر النص - أنه يلزمه إتمام الصلاة ، ويستحب إعادتها ولا يجب . والثاني : يستحب الإتمام وتجب الإعادة . والثالث قاله الإصطخري ولم يذكره المصنف إن بقي من الوقت ما يسع تلك الصلاة وجبت الإعادة وإلا فلا

( المسألة الثانية ) صلى وفرغ منها وهو صبي ثم بلغ في الوقت فثلاثة أوجه الصحيح : تستحب الإعادة ولا تجب . والثاني : تجب سواء قل الباقي من الوقت أم كثر والثالث قاله الإصطخري إن بقي من الوقت ما يسع تلك الصلاة بعد بلوغه وجبت الإعادة وإلا فلا . وقد ذكر المصنف توجيه الجميع ، هذا كله في غير الجمعة أما إذا صلى الظهر يوم الجمعة ثم بلغ وأمكنه إدراك الجمعة ، فإن قلنا في سائر الأيام تجب الإعادة وجبت الجمعة ، وإلا فوجهان مشهوران حكاهما المصنف في باب صلاة الجمعة ، ( أحدهما ) وبه قال ابن الحداد يجب أيضا ، ; لأنه كان مأمورا بالجمعة ( والصحيح ) لا تجب كالمسافر والعبد إذا صليا الظهر ثم زال عذرهما وأمكنهما ، لا يلزمهما بلا خلاف والله أعلم .

( فرع ) مذهبنا المشهور المنصوص أن الصبي إذا بلغ في أثناء الوقت وقد صلى لا يلزمه الإعادة . وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يلزمه إعادة الصلاة دون الطهارة ، وقال داود : يلزمه إعادة الطهارة والصلاة ، واحتج لأبي حنيفة بأن صلاته وقعت نفلا فلا تنقلب فرضا ، وقياسا على المصلي قبل الوقت . واحتج أصحابنا بأنه أدى وظيفة يومه ، قال الشيخ أبو حامد وغيره : وقولهم لا تنقلب فرضا نوافقهم عليه فنقول : قد صلى صلاة مثله ووقعت نفلا وامتنع به وجوب الفرض عليه ، لا أنه انقلب فرضا . والجواب عن المصلي قبل الوقت أنه غير مأمور به ، ولا مندوب إليه ، ولا مأذون فيه بخلاف مسألتنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية